للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فكرهت إعادة ذلك هاهنا.

ومن ذلك قتل أبي بصير أحد الرجلين اللذين دفعه النبي إليهما ليرداه إلى مكة، ففي علم النبي ذلك، وتركه أن يحكم عليه في ذلك بشيء، وإن كان المقتول ممن دخل في جملة من وقع الصلح بين النبي وبينهم، دليل على أن للإمام أن يقف عن الحكم على القاتل في مثل هذا وشبهه، إذا لم يحضر أولياء القتيل، اقتداءً برسول اللّه .

وقد اختلف الناس في دخول النساء في العقد الذي كان بين رسول الله وبين أهل مكة، فقال قوم: لم ينعقد الصلح بينهم قط إلا على رد الرجال؛ لأن في حديث المسور، ومروان وعلى أنه لا يأتيك منا رجل، وإن كان على دينك إلا رددته علينا، فاحتج بهذِه اللفظة من قال: إن الصلح لم يكن بينهم يومئذٍ إلا على رد الرجال.

وقال غيرهم: انعقد الصلح بينهم على رد الرجال والنساء؛ لأن في خبر عقيل عن الزهري: "وعلى أنه لا يأتيك منا أحد، وإن كان على دينك إلا رددته علينا"، قالوا: فدخل في قوله: أحد الرجال والنساء، قالوا: ثم أنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ﴾ (١)، فامتنع النبي لما نزلت هذِه الآية أن يردهن إليهم.

وقال بعضهم: إن النبي كان أعطاهم فيما كان بينه وبينهم أن يرد إليهم الرجال منهم والنساء، فأبطل الله الشرط في النساء، وذكر: أن في ذلك دليلًا على أن الإمام إذا أعطى شرطًا خلاف كتاب اللّه، أنه لا يجوز،


(١) الممتحنة: ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>