رأى أن لا يهجم عليه، ويختم على بابه، ويبعث إلى بابه رسولا ومعه شاهدين ينادي بحضرتهما: يا فلان بن فلان إن القاضي فلان بن فلان يأمرك بالحضور لمجلس الحكم مع خصمك، فإن فعلت وإلا نصبت لك وكيلا وثبتت بينته عليك. يفعل ذلك ثلاث مرات، فإذا فعل ذلك بعث له وكيلا وسمع من شهود المدعي، وأمضي ما عليه إلى أن يقدر على استخراج المال منه. هذا مذهب الشافعي (١).
وكان أحمد بن حنبل ينكر التهجم ويقول: يختم عليه ويشدد عليه حتى يظهر. وقال غيره: يوجه القاضي رجلين ممن يثق بهما ومعهما جماعة من الخدم والنساء معهم والأعوان فيكون الأعوان بالباب، ويدخل النساء ثم الخدم، ويجيء حرم المطلوب فيصرون في بيت وتفتش الدار، ثم يدخل النساء إلى البيت الذي فيه حرم المطلوب فيفتشونه، فإن أصابوه أخرجوه إلى القاضي، ويأتون المنزل فئة ليدخلوه بغير إذن في غفلة لا يشعر بالنساء حتى يصيروا في الدار، فإذا صاروا فيها حيث يبدروا حرم المطلوب دخل الخدم على إثرهم.
وقد احتج بعض أهل الحديث في هذا الباب بحديثين.
٦٤٨٩ - حدثنا بأحد الحديثين علان بن المغيرة، قال: حدثنا ابن أبي مريم، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب، عن يحيى بن سعيد قال: أخبرتني عمرة قالت: سمعت عائشة تقول: لما جاء قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة، جلس رسول الله ﷺ يعرف فيه الحزن، فقالت عائشة: وأنا أطلع من صير الباب فأتاه رجل فقال: يا رسول الله
(١) انظر "فتح الوهاب" (٢/ ٣٧٨ - ٣٧٩ - فصل في بيان من يحكم عليه في غيبته).