للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال مالك (١) في الإمام يرى الرجل على حد من حدود الله: لا يقيم عليه، يرفعه إلى من فوقه، ويكون شاهدا من الشهود. وسئل مالك عن القاضي يكون عنده الشهادة لرجل على آخر أيقضي له به؟ فقال: لا يقضي له بشهادته إلا أن يقيم شاهدين سواه. وقال أحمد (٢) وإسحاق (٣) في شهادة الحاكم: لا، حتى يحال إلى غيره، أو تكون شهادة شاهد ويمين الطالب. وقيل لأحمد في شهادة الحاكم إذا رأى هو بعينه، قال (٣): لا يحكم إلا بشهادة الشهود. وقال إسحاق: جائز إذا عاين في حكمه سوى الحد. وقال أبو عبيد: لا ينبغي لحاكم أن يمضي قضاء على أحد بعلمه دون علم غيره على حال من الحالات، وفيه تعرضا لاتهام نفسه عند المسلمين.

وقالت فرقة: ما علمه القاضي قبل أن يستقضي لا يحكم به، وما علم به بعد أن يستقضى حكم به. هذا قول أصحاب الرأي. قالوا (٤): إلا الحدود، إذا رأى القاضي في مجلس القضاء أو غيره رجلا يزني أو يسرق أو يشرب خمرا، ثم رفع إليه مكانه، فإنه لا ينبغي له أن يقيم الحد عليه حتى يشهد عليه الشهود، يأخذ في ذلك بالثقة والاستحسان، ويدع القياس فيه، ويضمنه السرقة، فإن رأى القاضي رجلا يغصب رجلا مالا ويقذفه، أو يأخذ منه شيئا، أو يشتري منه أو يبيع، أو يسمع طلاقا، أو نكاحا، أو رأى رجلا يقتل آخر، أو يجرحه فإنه ينفذ ذلك


(١) "المدونة الكبرى" (٤/ ١٦ - كتاب القضاء).
(٢) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (٣٠٩٥).
(٣) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (٣٠٩٧).
(٤) "المبسوط" للسرخسي (١٦/ ١٢٢ - باب كتاب القاضي إلى القاضي).

<<  <  ج: ص:  >  >>