للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الكتاب والسنة يجب على الغائب الذي لا سبيل إلى سؤاله ومخاطبته في وقت الحكم كما لا سبيل إلى سؤال المجنون في حال الجنون والطفولية، وقد يموت الغائب قبل قدومه، ويموت الطفل قبل يبلغ والمجنون قبل يفيق، ولما لم يقولوا إن البينة إذا ثبتت على المجنون والطفل توقف إلى أن يوجد السبيل إلى مخاطبته ببلوغ أحدهما إذا فاته الآخر، فكذلك لا معنى لانتظار الغائب وإيقاف البينة التي ثبتت عليه إلى أن يقدم وكل ما أمكن في أحدهما معنى أمكن في الآخر مثله مع أن المناقضة لا تفارق أصحاب الرأي في مذهبهم (١)، لأنهم قالوا في الرجل يغيب عن بلده ويدع امرأته بغير نفقة ولا كسوة أو يدع الأطفال من أولاده بلا نفقة فيقضي الحاكم بنفقة من يجب له منهم النفقة في مالة بالمعروف. ولا يدع ذلك لمغيبته، فإن لم يكن له مال حاضر يقدر عليه القاضي أمر المرأة أن تدان وتنفق على نفسها بالمعروف ثم يأخذه به إذا قدم.

فهذه المسألة مما ترك أصحاب الرأي أصولهم فيه، لأنهم زعموا أنهم لا يقضون على الغائب، وهذا غائب قد حكموا عليه، ولعل الزوج إذا حضر أن يقول قد دفعت إليها النفقة، ويأتي على ذلك ببينة ولو كان للحل (٢) معنى يجوز أن يحتج به محتج في ترك القضاء على الغائب فكان هذا في هذا الموضع يحتج به، وزعموا أنهم يقضون للمرأة والوالدين والولد على أن الذي عنده المال للغائب إذا أقر به ولا يقضون للأخ والأخت ولا لذي رحم محرم، ووجوب نفقات هؤلاء عندهم كوجوب نفقات الآباء والأبناء والزوجات، وزعم بعض


(١) "بدائع الصنائع" (٤/ ٢٨ - فصل وأما بيان كيفية وجوب هذه النفقة).
(٢) كذا بـ "الأصل" يعني: الحضور من حلَّ بالمكان: إذا حضره.

<<  <  ج: ص:  >  >>