للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قد اقررت أن الله قد جعل له الخيار في ذلك ثم ادعيت أنه نسخه بقوله: ﴿وأن احكم بينهم بما أنزل الله﴾ فالحكم الذي ثبت بنص الكتاب، وباتفاق من الجميع لا يجب أن يزول ويكون منسوخا باختلاف ولا دليل مع مدعيه. فإن قال قائل: في حكم النبي بالرجم على اليهوديين دلالة على أن الواجب كان عليه أن يحكم بينهم فرضا. قيل له: الأخبار الثابتة تدل على أنه إنما حكم عليهما بالرجم قبل نزول الآيات التي جعل فيها مخيرا في الحكم بينهم، وذكر حديث أبي هريرة:

٦٥٣٠ - حدثنا علي بن عبد العزيز، قال: حدثنا أحمد بن محمد، قال: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، عن ابن شهاب أنه سمع رجلا من مزينة من أهل العلم يحدث سعيد بن المسيب أن أبا هريرة حدثه أن أحبار يهود اجتمعوا في بيت [المدراس] (١) حين قدم رسول الله المدينة وقد زنى رجل بعد إحصانه بامرأة من يهود قد أحصنت، فقالوا: ابعثوا هذا الرجل وهذه المرأة إلى محمد فاسألوه كيف الحكم فيهما وولوه الحكم عليهما، فإن عمل فيهما بعملكم من التجبية - والتجبية الجلد بحبل من ليف يطلى بقار ثم تسود وجوههما ثم يحملان على حمارين وجوههما من قبل أدبار الحمارين - فاتبعوه فإنما هو ملك صدقوه، وإن حكم فيهما بالرجم فإنه نبي فاحذروه على ما في أيديكم أن [يسلبكموه] (٢). فأتوه فقالوا: يا محمد، هذا رجل قد زنى بعد إحصانه بامرأة قد أحصنت فاحكم فيهما فقد وليناك الحكم


(١) في "الأصل": المدارس. وهو تصحيف والتصويب من مصادر التخريج، والمدراس هو البيت الذي يدرس فيه. وانظر "اللسان" مادة (درس).
(٢) في "الأصل": يسلبكم. والمثبت من "السيرة النبوية" لابن هشام، و"تفسير الطبري".

<<  <  ج: ص:  >  >>