للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معاوية وبجالة مجهول (١)، ولو كان الخبر ثابتا لكان من خالفنا تاركا له، لأنه لا يرى أن يتبعون في مواضعهم يحكم بينهم، وقال هذا القائل في قوله ﴿واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم﴾ دلالة على أنهم إن تولوا لم يكن عليه الحكم بينهم، ولو كان قوله: ﴿وأن احكم بينهم﴾ إيجابا لألزمه الحكم وإن تولوا، وقال: إن تولوا قبل أن يأتوا ولو كان قوله: ﴿وأن احكم بينهم﴾ يأمره بالحكم لا أنه مخير لكان الواجب عليه أن يتفقد منهم ما أقاموا عليه مما يحرم عليهم وإن [تولى] (٢) عنه زوجان على حرام ردهما حتى يفرق بينهما كما يرد زوجين من المسلمين لو توليا عنه وهما على حرام، فلما وجدنا النبي أقر الكفار على ما كانوا عليه ولم يتبعهم كما يتبع المسلمين إذا تولوا علمنا أن الحكم على المسلمين واجب عليه وأنه مخير في الحكم على أهل الذمة، وإذا كان كذلك فإن قوله: ﴿وأن احكم بينهم﴾ على معنى إن حكمت، لا أن الفرض عليه أن يحكم بينهم، ويقال لمن خالف هذا:


(١) كذا قال الشافعي وأنى يكون ذلك وقد أحتج به البخاري، وروى عنه جماعة من الثقات ووثقه أبو زرعة وقال أبو حاتم: شيخ. ووثقه أيضا مجاهد بن موسى، وابن حبان قال البيهقي في المعرفة (٦/ ٣٧٤): كذا قال الشافعي في كتاب الحدود، ونص في كتاب الجزية على أن ليس للإمام الخيار في أحد من المتعاهدين الذين يجري عليهم الحكم إذا جاءوه في حد الله وعليه أن يقيمه، واحتج بقول الله ﴿حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ قال: فكان الصغار أن يجري عليهم حكم الإسلام، وذكر في كتاب الجزية حديث بجالة في الجزية وقال: حديث بجالة متصل ثابت؛ لأنه أدرك عمر وكان رجلا في زمانه كاتبا لعماله. ويشبه أن يكون الشافعي لم يقف على حال بجالة بن عبد ويقال ابن عبدة - حين صنف كتاب الحدود ثم وقف عليه حين صنف كتاب الجزية.
(٢) في "الأصل": تولا. والمثبت من "الأم".

<<  <  ج: ص:  >  >>