للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو عبيد: قد عمل بها ثلاثة من الأنبياء يونس، وزكريا، ونبينا .

قال أبو بكر: والذي خالف أصحابنا في باب القرعة يزعم أن الرجلين إذا أقام كل واحد منهما البينة أن العبد له، يقسم العبد بينهما لكل واحد منهما النصف، وهذا عين الخطأ، لأن البينتين لا يخلو أن تكون إحداهما كاذبة أو غالطة، فأيهما كانت فقد يحكم القاضي به بينهما نصفين أنه حاكم لأحدهما بما ليس له، لأن كل واحدة من البينتين إنما شهدت لصاحبها بالكل، واخترع هو من عند نفسه حكما ثالثا خلاف ما شهدت به البينتان، وأعطى من ليس له، ومنع الذي له حقه أو بعض حقه فإن اعتل معتل بخبر تميم بن طرفة، فذلك خبر غير ثابت، لأنه مرسل، وقد ذكرناه فيما مضى (١)، ولو جاز استعمال المرسل لكان مرسل سعيد بن المسيب أولى، وقد ذكرته مع ذكري خبر تميم، فالراد خبر سعيد اعتلالاً بأنه مرسل قد دخل في مثل ما أنكره، وفيما هو أضعف منه، على أن القائل بخبر سعيد غير موقن بأنه أخطأ، وقاسم الشيء بينهما نصفين موقن الخطأ، لأنه مانع من له حق، ومعطي من لا حق له، لأنه غير مستعمل لما شهدت به البينة ولا حاكم لهما بدعواهما، بل حكم بحكم ثالث لا يفارقه الخطأ فيه، وليس في حديث تميم أن البعير الذي تنازعاه كان في أيديهما أو في يد غيرهما، ولو ثبت الحديث لجاز أن يكون في أيديهما، فلا يكون للقاسم الشيء الذي في غير يد المدعيين فيه حجة مع أن استعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم به بين الشركاء.


(١) سبق تحت باب ذكر الرجلين يدعيان الشيء بينهما، كل واحد منهما يزعم أن الشيء بكماله.

<<  <  ج: ص:  >  >>