للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال الشافعي (١): إذا اختلف الشاهدان في الموطن الذي شهدا فيه فإن أبا حنيفة كان يقول: لا نعزرهما ويقول: لأني لا أدري أيهما الصادق من الكاذب، إن كانا شهدا على فعل، فإن كانا شهدا على إقرار، فإنه يقول: لا أدري لعلهما صادقان جميعا وإن اختلفا في الإقرار، وبه يأخذ (٢). وكان ابن أبي ليلى يرد الشاهدين وربما ضربهما وعاقبهما. وكذلك لو خالف المدعي الشاهدين في قول أبي حنيفة فشهدا بأكثر مما ادعى، فإن أبا حنيفة (٣) كان يقول: لا أضربهما، ونتهم المدعي عليهما. وكان ابن أبي ليلى ربما عزرهما وضربهما، وربما لم يفعل. قال الشافعي: لا أعزرهما إذا أمكن صدقهما. قال أبو بكر: كذا أقول.

قال أبو بكر: الاختلاف في الشهادة ينصرف على وجهين:

أحد الوجهين: الشهادات على الإقرار.

والوجه الثاني: الشهادات على الأفعال.

فأما الشهادة على الإقرار، وإن اختلفت المواضع والأوقات فيما يتعارف الناس بينهم أن يشهد الرجل الرجل بمكة على أن لزيد عليه مائة دينار ثم يشهد آخر بمنى بأن لزيد عليه مائة دينار ثم يلقى آخر بعرفة فيشهده على مثل ذلك، فالشهادات في هذا الباب وما أشبه ذلك مقبولة، وإن اختلفت الأوقات والمواضع، لأنها متوقفة على إقرار الذي يجب عليه المال بما يجب الحكم به عليه، وكذلك كل شهادة تقع على إقرار تقبل، أو خراج، أو عتق، أو طلاق، وغير ذلك إذا لم


(١) "الأم" (٧/ ١٩٧ - باب في الأيمان).
(٢) يعني أبا يوسف.
(٣) "الأم" (٧/ ١٩٨ - باب في الأيمان).

<<  <  ج: ص:  >  >>