للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وروينا عن الشعبي أنه قال: ليست الوصية بواجبة (١).

وقال الثوري: إن شاء أوصى، وإن شاء لم يوص، وإن كان موسرا ليست الوصية بواجبة.

وقال الشافعي قوله: "ما حق امرئ " يحتمل ما الحزم (٢)، وما يحتمل (٣) المعروف في الأخلاق إلا هذا، لا من وجه الفرض (٤).

وقالت طائفة: ليست الوصية بواجبة إلا على رجل عليه دين أو عنده مال لقوم، فيجب عليه أن يكتب وصيته، ويخبر بما عليه، فأما من لم يكن عليه دين ولا عنده وديعة، فليس بواجب عليه أن يوصي إلا أن يشاء (٥)، والله أعلم. هذا قول أبي ثور، وقد احتج لأبي ثور بعض أصحابه فقال: قال الله - جل ذكره -: ﴿يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا﴾ (٦) الآية، وغير موقى لنفسه من وجب لله عليه أو لآدمي قبله تبعة في مال لا يعلم به غيره، فترك الخروج مما يجب عليه والإخبار به والتقدم فيه، وهو على ذلك قادر، فقد عصى إذ ترك أن يقي نفسه.


(١) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (١/ ٤٨٣)، و"نواسخ القرآن" لابن الجوزي ص (١٥٨).
(٢) كذا "بالأصل"، وفي "مختصر المزني" (ص ١٤٣): "ما الحزم لامرئ"، وفي "الأم": "ما لامرئ".
(٣) كذا "بالأصل"، وفي "الأم" و "مختصر المزني": "ويحتمل ما".
(٤) "الأم" (٤/ ٨٩ - باب الوصية وترك الوصية).
(٥) قال ابن عبد البر: أجمع الجمهور على أن الوصية غير واجبة على أحد إلا أن يكون عليه دين أو يكون عنده وديعة أو أمانة فيوصي بذلك "الاستذكار" (٢٣/ ٧ - باب الأمر بالوصية).
(٦) التحريم: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>