للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه قول ثان: وهو أن يتوضأ بالماء الذي وَلَغَ فيه الكلب ثم يتيمم بعده، روي هذا القول عن عبدة بن أبى لبابة، وبه قال سفيان وعبد الملك الماجشون، ومحمد بن مسلمة (١).

وقالت طائفة: الماء الذي وَلَغَ فيه الكلب نجس يهراق، ويغسل الإناء سبعًا أولاهن أو أخراهن بالتراب، هذا قول الشافعي (٢)، وأبي عبيد (٣)، وأبي ثور، وأصحاب الرأي (٤).

قال أبو بكر: والدليل على إثبات النجاسة للماء الذي وَلَغَ فيه الكلب غير موجود، فليس في أمر النبي بأن يغسل الإناء من ولوغ الكلب فيه سبعًا، دليل على نجاسة الماء الذي يلغ فيه الكلب، وذلك أن الله قد يتعبد عباده بما شاء، فمما تعبدهم به أن أمرهم بغسل الأعضاء التي لا نجاسة عليها، غسل عبادة لا لنجاسة، وكذلك أمر الجنب بالاغتسال، وقد ثبت أن نبي الله قال لرجل جنب: "المومن ليس بنَجس" (٥) وقوله: "طهورُ إناءِ أحدِكُم" (٦) يحتمل هذا المعنى أن تكون طهارة عبادة، لا طهارة نجاسة، وإذا احتمل الشيء معنيين، لم يجز أن يصرف إلى أحدهما دون الآخر بغير حجة، وقد أَجْمَعَ أَهْلُ العِلْمِ على أن النجاسات تزال بثلاث غسلات، وقال بعضهم: بل تزال بغسلة واحدة كالدم، والبول،


(١) انظر: "المغني" لابن قدامة (١/ ٦٥ - مسألة ولا يتوضأ بسؤر كل بهيمة لا يؤكل لحمها).
(٢) "الأم" (١/ ٥٤ - باب الكلب يلغ في الإناء).
(٣) "الطهور" لأبي عبيد (ص ٢٧٠).
(٤) "المبسوط" للسرخسي (١/ ١٥٤ - ١٥٥ - باب الوضوء والغسل).
(٥) سبق تخريجه.
(٦) سبق تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>