للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وفيه قول ثالث: وهو أن البيع بيعان لا ثالث لهما: بيع صفة مضمونة على بائعها، فإذا جاء بها فلا خيار للمشتري فيها إذا كانت على صفتها، وبيع عين بعينها يسلمها البائع للمشتري، فإذا تلفت لم يضمن سوى العين التي باع. هذا قول الشافعي (١).

وقد أجاز الشافعي (٢) بيع العين الغائبة، وجعل للمشترى الخيار فيه مرة.

وقال الحكم وحماد في الرجل يشتري العبد وقد رآه بالأمس ولم يره يوم اشتراه، قالا: لا يجوز حتى يراه يوم اشتراه.

قال أبو بكر: فالذي أقول به أن السلعة إذا كان البائع عالما بها ووصفها للمشتري بصفة معروفة أن البيع جائز، فإن خرجت على الصفة التي وصفها البائع لزم المشتري ذلك ولم يكن له خيار، والحجة في إجازة هذا البيع قول الله ﷿: ﴿وأحل الله البيع﴾ (٣)، وهذا بيع معلوم قد تراضى به المتبايعان، ولا يجوز إبطال هذا البيع إلا بحجة من كتاب، أو سنة، أو اتفاق. وقد أذن النبي في بيع السلم وهو مضموم على البائع بصفة معلومة، فالشيء القائم إذا وصف أولى أن يجوز، مع أني لا أعلم أحدا من السلف أبطل هذا البيع إلا ما ذكرته من إحدى قولي الشافعي، وما حكيته عن الحكم وحماد. على أن الشافعي قد أجاز هذا البيع في غير من كتبه وأبطله في غير موضع، وقوله الذي يوافق قول سائر العلماء ويوافق هذا الكتاب أولى به. وهذا


(١) "الأم" (٣/ ٣ - كتاب البيوع).
(٢) "الأم" (٣/ ٤٧ - باب في بيع العروض).
(٣) البقرة: ٢٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>