للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالمفسد لماله داخل في النهي، وهو ممنوع منه، وقد أجمعوا (١) على أن المغلوب على عقله ممنوع من ماله بجهله بحفظه، فالصحيح العاقل ما قد نهى عنه أولى أن يمنع من الفساد، وقد منع النبي أبا لبابة أن ينخلع من ماله كله وقال: "يجزئك من ذلك الثلث" (٢).

وقد نهى الله عن التبذير فقال:

﴿ولا تبذر تبذيرا﴾ (٣)، وقال في قصة شعيب: ﴿قالوا يا شعيب أصلوتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء﴾ (٤)، وقال: ﴿أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون﴾ (٥).

فقد خبر - جل ذكره - أن أنبياءه قد منعوا أنفسهم من العبث والإضاعة للأموال، والأنبياء لا تأمر إلا بأمر الله.

قال أبو بكر: وقول النعمان قول لا معنى له، لأنه منعه من ماله إذا بلغ لعلة الفساد وأطلق له المال في الوقت الثاني وهو ابن خمس وعشرين سنة، والعلة التي منعت من المال في أول ما بلغ موجودة فيه حيث أمر بدفع ماله إليه، فإن وجب دفع ماله إليه وهو مفسد، فلا معنى لمنعه منه بعد بلوغه، وإن لم يجز دفع ماله إليه، لأنه مفسد فقد ترك هذا حيث أمر بدفع ماله إليه في الحال الثاني.


(١) "مراتب الإجماع" (ص ٩٩)، و"الإقناع" (٣٢١٧، ٣٢٢١).
(٢) أخرجه أبو داود (٣٣٠٨) والحديث في "الصحيحين" بلفظ "أمسك عليك بعض مالك" انظر: "صحيح البخاري" (٤١٥٦)، ومسلم (٢٧٦٩).
(٣) الإسراء: ٢٦.
(٤) هود: ٨٧
(٥) الشعراء: ١٢٨ - ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>