للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

المسلم تحيط به النار ورجل مسلم قادر على إخراجه، ولم يفعل، فهو عاص ولا عقل عليه ولا قود. وإذا أمر رب الوديعة المودع أن يحرقها بالنار، أو يلقيها في البحر ففعل، ففيها قولان: أحدهما: أن لا شيء عليه، لأنه فعله بأمره.

كان الشافعي يقول (١): إذا أمر الرجل الرجل أن يقطع رأس مملوكه فقطعه فعلى القاطع عتق رقبة ولا قود عليه. قال: وإذا أمره بذلك في دابة له ففعله فلا قيمة عليه، لأنه أتلفها بإذن مالكها، فقياس هذا أن لا غرم على من طرح المال في البحر بإذن مالكه على أن هذا ربما كان صلاحا للمسلمين في بعض الأوقات في البحر.

وقال الآخر: هو ضامن، لأن المرء ممنوع من إتلاف المال في غير حال الضرورة، لأن ذلك محرم على رب المال، وفاعله عاص يجب أن يحجر عليه، لنهي رسول الله عن إضاعة المال. فإذا أمره بما ليس له، فأمره وسكوته سيان. قال: ولو كان المودع لا ضمان عليه لوجب أن يكون المرء المسلم إذا أمر أخاه المسلم أن يضرب عنقه ففعل أن لا يكون على القاتل شيء، لأنه فعل ما أمره به.

وقد أجمع أهل العلم على أن هذا قاتل ظالم وقد منع من مال المسلم، ومن دمه فالدم والمال في معنى واحد في التحريم، وقد جمع النبي بين تحريم الدماء وتحريم الأموال مودعا بذلك أمته في خطبته في حجة الوداع (٢).


(١) "الأم" (٦/ ٨٢ - في خطأ المقتص).
(٢) أخرجه البخاري (١٧٤٢) وغيره عن ابن عمر، وفيه .. (فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا .... ).

<<  <  ج: ص:  >  >>