للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمفاوز التي ليس (قربهما) (١) أنيس، لأن تلك التي توجد قرب الأمصار والقرى لعلها تكون لأهلها.

قال أبو عبيد: فهذا عندي أصل لكل شيء يخاف عليه الفساد مثل الطعام والفاكهة مما إن تركه في الأرض لم يلتقطه فسد، أنه لا بأس بأخذه، حدثنيه علي عنه.

وكان الليث بن سعد يقول في ضالة الغنم: لا أحب أن يقربها إلا أن يحرزها لصاحبها. وقد روينا عن عائشة أنها منعت من بيع ضالة الغنم ومن ذبحها، وقد ذكرت إسناده فيما مضى.

قال أبو بكر: والذي نقول به إن في نفس الحديث دليل على افتراق حال البراري والقرى في ضالة الغنم، بين ذلك في قوله: لك أو لأخيك أو للذئب، لأن الذئاب لا تكون في الأمصار والقرى، وحيث يكون جماعات الناس. فإذا وجد الشاة بفلاة من الأرض فله أكلها وبيعها، وإخراجها من ملكه والانتفاع بها كيف شاء، وليس له ذلك إذا كانت في القرى والأمصار، فإذا كانت الشاة بفلاة من الأرض فأكلها من جعل له النبي ذلك ثم جاء صاحبها ففيها قولان:

أحدهما: أن لا غرم عليه. وهذا قول مالك (٢).

وحجة من قال بهذا القول أن النبي أقام الذي وجدها مقام ربها، فقال: لك أو لأخيك أو للذئب، فأباح له أكلها والانتفاع بها في تلك الحال، فإذا انتفع بها بإذن النبي لم يجز أن يغرم في حال ثان


(١) في "م": قربها.
(٢) "المدونة الكبرى" (٤/ ٤٥٧ - في لقطة الطعام).

<<  <  ج: ص:  >  >>