للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقالت طائفة: ليست الكتابة واجبة، من شاء كاتب ومن شاء لم يكاتب روي هذا القول عن الشعبي، والحسن البصري، وبه قال مالك (١)، وسفيان الثوري، والشافعي (٢).

وفيه قول ثالث: قاله إسحاق بن راهويه قال (٣): لا يسع الرجل أن لا يكاتبه، وذلك إذا اجتمع فيه الأمانة والخير من غير أن [يجبر] (٤) الحكام على ذلك، وأخشى عليه الإثم إن لم يفعل.

قال أبو بكر: ولعل من حجة من رأى أن الكتابة غير واجبة، أن يقول لك: احتمل أن يكون الأمر به ندبا وإرشادا، واحتمل أن يكون فرضا، لم يجز أن يفرض على الناس فرضا يلزمه يحتمل معنيين، وعلى أن ما يجب أن يكاتب عليه العبد ليس بمعلوم يوقف عليه، وإذا كان كذلك فغير جائز أن يلزم السيد مكاتبة عبده. ومن حجة من أوجب الكتابة أن يقول: إن الله إذا أمر بشيء فأمره لازم واجب، وليس لأحد أن يسقط فرضا ألزمه الله الخلق في كتابه إلا بحجة من سنة أو إجماع، وليس مع من أسقط ذلك عن السيد إذا جمع العبد القوة على الاكتساب والأمانة حجة، وأحق الناس بهذا القول من قال بالأمر على الفرض حتى تدل سنة أو إجماع أنه على غير الفرض، وليس يجوز إلا هذا القول، أو يقول قائل: إن الأمور كلها على الندب حتى يدل دليل أنه على الفرض، وإذا سقط أن يكون هذا قولا يجب أن يقال به ثبت القول الأول.

فأما ما اعتل به من زعم أن ما يكاتب عليه السيد لما لم يكن معلوما


(١) "الاستذكار" (٢٣/ ٢٥١ - باب القضاء في المكاتب).
(٢) "الأم" (٨/ ٣٧ - ٣٨ - باب ما يجب على الرجل يكاتب عبده قويًّا أمينًا).
(٣) انظر: "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (١٤٦٥)، و "الإشراف" (٢/ ١٧٤).
(٤) في "الأصل": يجيز. والمثبت من "الإشراف" (٢/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>