قال أبو بكر: بيعت بريرة وهي مكاتبة بعلم النبي ﷺ، ولولا أن ذلك جائز لنهى عنه، وفي إجازته البيع لما لم ينه عنه دليل على إباحة بيع المكاتب، ولو لم يجز بيع المكاتب حتى يعجز لأشبه أن يسأل النبي ﷺ بريرة أعجزت أم لا؟ فأما اعتراض بعض أهل مصر وإدخاله النظر على الخبر حيث يقول: يشتري المكاتب لا يدري يحصل له النجوم التي يقبضها أو رقبة العبد. فليس مما يجوز أن يعتل به قائل مع ثبوت الخبر، وإنما يجب في الأخبار التسليم لها لا الاعتراض عليها، قال الله: ﴿فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم﴾ إلى قوله: ﴿ويسلموا تسليما﴾ (١) فنفى ﷿ الإيمان عن من لا يسلم لرسول الله ﷺ، ثم ثنى بأمر هو أعجب من الأول ادعى أن بريرة كانت عاجزة، وهذه دعوى غيب لا دليل لمدعيه في شيء من الأخبار كان ابن عباس يقول: لو يعطى الناس بدعواهم ادعى ناس دماء ناس وأموالهم وإذا لم يختلف أهل العلم أن للرجل بيع عبده قبل مكاتبه، ودل خبر عائشة في قصة بريرة على أنها بيعت بعلم رسول الله ﷺ فلم ينكره، ومن قول عوام أهل العلم: أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم. وإذا كان كذلك فلم يمنع المرء من بيع عبده الذي لو شاء أعتقه، مع أن خبر عائشة في أمر بريرة مستغن به عن كل قول. وكان الأوزاعي يقول: يكره بيع المكاتب قبل عجزه للخدمة. وقال: لا بأس أن يباع للعتق.