للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يتفضل على صاحبه بالشيء فيستمتع منه ما دام حيا، وإذا مات الموهوب له لم يصل إلى ورثته منه شيء، فجاءت سنة النبي بنقض ذلك أنه من ملك شيئا حياته فهو لورثته من بعده وذكر حديث أبي هريرة وجابر.

فقال أبو بكر: وقد احتج بعض من يميل إلى مذهب مالك بأن قال: الأصل أن كل مالك فله ملكه ولا يجوز إزالة ملكه إلا بحجة، ولا يخرج من ماله شيء إلا كما أعطى، واحتج من خالفه بأن الله ﷿ قد فرض طاعة رسوله في غير آية من كتابه، وإذا ثبت الخبر عن رسول الله وجب استعماله وترك أن يحمل ما قد تثبت به السنة على النظر والقياس وحديث مالك، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر موافق لهذا القول، وليست الرواية التي فيها "من أعمر عمرى له ولعقبه فهي للذي أعمره لا يرجع إلى الذي أعمرها" بدافع لما قلنا، وذلك أن الكلامين ثابتين عن رسول الله فأيهما قال القائل: فالشيء ثابت للمعمر ولورثته من بعده، وإن قال: هي لك عمرى فهي له ولعقبه من بعده لقوله: "من أعمر عمرى فهي للذي أعمرها حيا وميتا ولعقبه" وإن قال: هي لك ولعقبك فكذلك هي للذي أعمرها لا يرجع إلى الذي أعمرها، وكل ذلك مما يجب أن يقال به ويسلم له، وكان عطاء بن أبي رباح يقول في الرجل يعمر ويشرط على الذي أعطى أنك إذا مت فهو حر قال: يكون حرا مرتين تترى (١) وهذا قول الزهري وقتادة، وقال ابن جريج (٢): قلت لعطاء أفرأيت إن قال: هو رد على ورثتي قال: لا هو للذي أعطاه حينئذ حياته وموته قلت: فلم يختلفان قال: لأنه شرط


(١) أخرجه عبد الرزاق (١٦٨٩٠).
(٢) "مصنف عبد الرزاق" (١٦٨٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>