للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال غير إسحاق (١): كان الناس في الجاهلية يعيذون من دون الله أشياء فيحلفون بأسمائها تعظيما لها كاللات والعزى، وكانوا يعظمون آباءهم، ويعظمون الكعبة فيحلفون بها، فنهاهم رسول الله أن يتخلقوا بأخلاق أهل الجاهلية ويتشبهوا بهم، وسمى ذلك كفرا إذ كان شبيها بأفعال أهل الكفر، لا أنه كفر بالله على الحقيقة، والعرب تشبه الشيء بالشيء فيلزمه اسمه على المجاز من ذلك قول النبي لأنجشة: "رويدا سوقك بالقوارير" (٢)، يريد النساء، شبههن بالقوارير، لضعفهن ورقتهن، وكذلك قوله في فرس أبي طلحة حين ركبه وأجراه وجدناه بحرا (٣)، سماه بحرا تشبيها بالبحر، لسعة جريه.

وقد اختلف أهل العلم في معنى نهي النبي عن اليمين بغير الله أهو عام في الأيمان كلها، أم خاص أريد بذلك بعض الأيمان دون بعض.

فقالت طائفة: الأيمان المنهي عنها هي الأيمان التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيما منهم لغير الله، كاليمين التي كان أهل الجاهلية يحلفون بها تعظيما منهم لغير الله، كاليمين باللات والعزى والآباء والكعبة والمسيح و (بهذه) (٤) الشرك فهذه الأيمان المنهي عنها أن يحلف بها المرء ولا كفارة فيها، فأما ما كان من الأيمان (بما) (٥) يؤول الأمر فيه إلى تعظيم الله فهي غير تلك، وذلك كقول الرجل: وحق النبي ، وحق الإسلام، وكاليمين بالحج والعمرة، والصدقة، والعتق، وما أشبه ذلك، وكل ذلك من حقوق الله، ومن تعظيم الله.


(١) انظر المسألة في "الفتح" (١١/ ٥٤٣) وما بعدها تحت باب "لا تحلفوا بآبائكم".
(٢) أخرجه البخاري (٢٣٢٣)، ومسلم (٦١٤٩).
(٣) أخرجه البخاري (٢٦٦٥)، ومسلم (٢٣٠٧).
(٤) في "م": بمثل.
(٥) في "م": لما.

<<  <  ج: ص:  >  >>