للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

النبي لماعز: "لعلك قبلت أو غمزت؟ " قال: لا (١). قال: فإنما قال ذلك ليدرأ به عنه الحد، وفي أخبار علي بن أبي طالب أنه قال لشراحة: لعل زوجك أتاك، لعلك استكرهت.

فكل هذا يدل على درء الحد بالشبهة، وعلى إباحة تلقين السارق والزاني بما يسقط به عنه الحد.

قال أبو بكر: وقد احتج بعض من يخالف هذا المذهب ويرى إقامة الحدود وترك التلقين الذي يسقط به الحد عن من وجب ذلك عليه، بقول الله ﴿الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة﴾ (٢)، وبقوله: ﴿والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما﴾ (٣) قال: فأمر الله بجلد الزاني وقطع يد السارق، ولا يجوز إسقاط ذلك إذا ثبت.

وقال آخر: وليس يخلو التي قال لها أبو مسعود وأبو الدرداء وغيرهما: أسرقت؟ قل لا. من أحد معنيين:

إما أن يكون الحد قد وجب ببينة أو بإقرار، والحد إذا وجب لا يجوز إسقاطه، أو لا يكون وجب ذلك ببينة ولا إقرار فهذا حد لم يجب، ويسقط بعد الوجوب.

فأما قول النبي لماعز: "لعلك قبلت أو غمزت" فليس من هذا الباب بسبيل، لأن النبي ارتاب في أمر ماعز وقال: أبه جنة؟ وسأل عنه، وقول علي لشراحة من نحو قول النبي لماعز.

قال أبو بكر: وأحسن ما قيل في هذا الباب أن تلقين من قد وجب


(١) سيأتي تخريجه إن شاء الله - تعالى.
(٢) النور: ٢.
(٣) المائدة: ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>