دون حال إلا السلطان، فإن كل من نحفظ عنهم من علماء أهل الحديث كالمجمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه، للأخبار التي جاءت عن رسول الله ﷺ بالأمر بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم، وترك قتالهم والخروج عليهم ما أقاموا الصلاة، وهذا الذي ذكرناه من إباحة أن يدفع الرجل عن نفسه وماله قول عوام من نحفظ عنه من أهل العلم إلا الأوزاعي فإنه فيما حكاه عنه عمر بن عبد الواحد كان يفرق بين الحال التي للناس فيه جماعة وإمام يقيم فيهم الأحكام والحج، وبين حال الفتنة التي لا إمام فيها للناس ولا جماعة.
حكى عمر عن الأوزاعي أنه قال في تفسير قوله:"من قتل دون ماله فهو شهيد" قال: إذا أقلعت الفتنة عن بحبة الجماعة فأمن السبيل وحج البيت وجوهد العدو فعدا اللص على رجل يريد دمه، أو ماله قاتله، وإن كان الناس في معمعة فتنة وقتال فدخل عليه من يريد دمه وماله اقتدى، بمحمد بن مسلمة (١).
(١) حيث اعتزل القتال أيام الفتنة بين عليٍّ ومعاوية ﵄. وفي الحديث الذي رواه الطبراني في "الكبير" (١٩/ ٢٣٣ رقم ٥١٨)، والحاكم في "المستدرك" (٣/ ١٢٧) عن سعد بن زيد بن سعد الأشهلي: "أنه أهدى إلى رسول الله ﷺ سيفًا من نجران، فلما قدم عليه أعطاه محمد مسلمة، وقال: جاهد بهذا في سبيل الله، فإذا اختلفت أعناق الناس فاضرب به الحجر، ثم ادخل بيتك وكن حلسًا ملقى حتى تقتلك يد خاطئة أو تأتيك منية قاضية.