للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دون ماله فهو شهيد" ولم تخص وقتًا دون وقت، ولا حالًا دون حال، إلا السلطان فإن كل من نحفظ عنهم من علماء أهل الحديث كالمجمعين على أن من لم يمكنه أن يمنع نفسه وماله إلا بالخروج على السلطان ومحاربته أنه لا يحاربه ولا يخرج عليه؛ للأخبار التي جاءت عن رسول الله بالأمر بالصبر على ما يكون منهم من الجور والظلم وترك قتالهم والخروج عليهم ما أقاموا الصلاة.

ثم ختم هذا الكتاب بتبويب هام فقال: ذكر الأخبار التي رويت في النهي عن الخروج على السلطان (١).


(١) ما أعذبه من منهج وأقومه من سبيل، فلو تمسك به المسلمون ساعة نزول الفتن لعصمهم الله من الزلل. ونحن نرى اليوم بعض المتهورين والمتحمسين والمتحذلقين قد خالفوا هذا المنهج الصافي، ورفعوا السيف على الأمة وفجروا وقتلوا وأرهبوا المسلمين بحجة إنكار المنكر وما فعلوه هو المنكر بعينه. وحتى يُتَبعوا على ذلك رَمَوْا العلماء بالجبن والتقاعس والميل للسلطان لينفِّروا الناس عنهم، وهذا مسلك قديم خبيث. وهذِه حوادث التاريخ تترى ولكن لا نعتبر.
فهل اعتبروا بما جرى لعبد الرحمن بن الأشعث بخروجه على الحجاج، وقتل الآلاف من العلماء وهل اعتبرنا بالواقع الذي نحياه من تضييق على المسلمين في بلاد الغرب بل وقتلهم واتهام المسلمين في بلاد الإسلام بالتطرف والإرهاب.
ذهب جماعة إلى الحسن البصري أيام يزيد بن المهلب وهمُّوا بالخروج فأمرهم أن يلزموا بيوتهم ويغلقوا عليهم أبوابهم. ثم قال: والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل سلطانهم صبروا، ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم، وذلك أنهم يفزعون إلى السيف فيوكلون إليه، ووالله ما جاءوا بيوم خير قط ثم تلا ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ﴾ "الشريعة" للآجري (٦٢).
وهذا الإمام المبتلى من السلطان أحمد بن حنبل جلدوه وحبسوه ومنعوه من الحديث فهل رفع السيف عليهم؟!. =

<<  <  ج: ص:  >  >>