للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في قتيل بني اسرائيل ما يصدق القسامة. قال الله ﷿ ﴿فقلنا اضربوه ببعضها﴾ فذبحت البقرة، ثم ضربوه بلحمها فحيا، فتكلم فأخبرهم فقال: فلان الذي قتلني، فقبل قوله، فقال: هذا مما يبين القسامة (١).

قال أبو بكر: والذي احتج به مالك بعيد الشبه من أبواب القسامة، ومن مدعي يدعي أن فلانا قتله لا بينة معه بدعواه، ولو جاز أن يكون قصة بني إسرائيل أصلا لنا نعتمد عليه، ونأخذ به في قتلانا لوجب أن نحكم بقول المدعي: فلان ضاربي، أو جارحي، من غير أن يقسم الورثة عليه، لأن قتيل بني إسرائيل لم يقسم الورثة عليه، وفي قوله: وفي قول جميع أهل العلم: أن أحدا لا يعطى بدعواه شيئا، إذا لم يكن مع دعواه ما يجب أن يحكم له به، دليل على أن خبر قتيل بني إسرائيل غير جائز أن يكون لنا أصلا نبني عليه المسائل، وفي تركه أن يحكم بقول المدعي دون أن يقسم الورثة دليل على تركه أن يقول بمثل ما ذكر من قصة قتيل بني إسرائيل، وقد حكى ابن وهب عنه أنه قال فيمن قال عند موته: قتلني فلان خطأ: إن لم يكن مع قوله شيء لم


(١) قال القرطبي في "تفسيره" (١/ ٤٥٧): استدل مالك في رواية ابن وهب وابن القاسم على صحة القول بالقسامة بقول المقتول: دمي عند فلان أو فلان قتلني، ومنعه الشافعي وجمهور العلماء. قالوا: وهو الصحيح؛ لأن قول المقتول دمي عند فلان أو فلا قتلني خبر يحتمل الصدق والكذب، ولا خلاف أن المدعي عليه معصوم ممنوع إباحته إلا بيقين، ولا يقين مع الاحتمال، فبطل اعتبار قول المقتول دمي عند فلان، أما قتيل بني إسرائيل فكانت معجزة وأخبر تعالى أنه يحييه، وذلك يتضمن الإخبار بقاتله خبرًا جازمًا لا يدخله احتمال فافترقا … واستبعد ذلك البخاري والشافعي وجماعة من العلماء فقالوا: كيف يقبل قوله في الدم، وهو لا يقبل قوله في درهم انتهى بتصرف، وقد انتصر ابن العربي لمالك فراجع التفسير.

<<  <  ج: ص:  >  >>