وأقول وبالله التوفيق: اختلف الناس في أبي حنيفة بين غال في الحب، ومفرط في البغض، وتوسط أهل العدل فأنصفوا وبينوا وجه الحق لهذا الإمام، فكم من أناس عماهم التعصب عن قبول الحق، وآخرين دفعهم البغض عن قبول الصدق، وأبو حنيفة ﵀ إمام من أئمة المسلمين، وهو أيضًا بشر يخطئ ويجانبه الصواب أحيانًا، ولا يقبل أن نضعه في منزلة العصمة كما يريد المتعصبة، فإن كانت لنا كلمة في حقه فنقول: أما الفقه فلا يبارى، وأما في الحديث فلا، فقد ضعفه جمهور النقاد، ولا يسقطه هذا القول عن الاعتداد بقوله ورأيه ومذهبه وانظر: إلى ما قاله العلامة الألباني حمه رالله في حق هذا الإمام لترى مسلك المنصفين: ومما لا شك فيه عندنا أن أبا حنيفة من أهل الصدق، ولكن ذلك لا يكفي ليحتج بحديثه حتى ينضم إليه الضبط والحفظ، وذلك مما لم يثبت في حقه ﵀ بل ثبت فيه العكس … ولا يمس ذلك من قريب ولا من بعيد مقام أبي حنيفة ﵀ في دينه وورعه وفقهه … فكم من فقيه وقاص وصالح تكلم فيهم أئمة الحديث من قبل حفظهم وسوء ضبطهم، ومع ذلك لم يعتبر ذلك طعنًا في دينهم وعدالتهم. . . فهذا هو الحق والعدل، وبه قامت السموات والأرض، فالصلاح والفقه شيء، وحمل الحديث وحفظه وضبطه شيء آخر، ولكل رجاله وأهله. . . إلى أن قال: فغايته أن لا يكون محدثًا ضابطًا وحسبه ما أعطاه الله من العلم والفهم الدقيق حتى قال الإمام الشافعي: الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة أ. هـ بتصرف. "السلسلة الضعيفة" (١/ ٦٦١ - ٦٦٧). (٢) أخرجه البخاري (٤٤٧٧)، ومسلم (٨٦) من حديث عبد بن مسعود ﵁.