قلت: ولهذا يقول ابن المنذر في مواضع: "أصحابنا" ويقصد به الشافعي، وانظر مثلًا في كتاب (الكفالة - باب الكفالة بالنفس): .. فهولاء جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ قد رأوا الكفالة في الحدود ولا نعلم صحابيًّا خالفهم، وأصل قول معلمنا - يعني الشافعي - وقول العراقيين في جملة ما يعطون في الأصل أنهم لا يخالفون الصحابي إلا إلى قول مثله، فيلزمهم جميعًا على أصل مذهبهم أن يروا الكفالة في الحدود جائزة، فأما أن يروا كفالة النفس في غير الحدود ولا يعلم في صحابي أنه حكم به، ويبطلوا كفالة النفس في الحدود، وقد روي عن جماعة من أصحاب النبي ﷺ فهو سهو وإغفال والله أعلم.
- وانظر إلى تفقه المُصَنِّف وعدم التزامه بقول واحد:
في كتاب الجنائز - باب ذكر ما يصنع بالذي يموت في البحر:
قال: إن كان البحر الذي مات فيه الميت الأغلب منه أن يخرج أمواجه إلى سواحل المسلمين يفعل به ما قاله الشافعي، فإن لم يكن كذلك فعل ما قاله أحمد.
وقال في (كتاب الدباغ - باب ذكر الأخبار التي خصت بالنهي عن أكل كل ذي ناب من السباع):
وفي أصول أصحابنا أن كل خبرين جاز إذا أمكن استعمالهما، أن لا يعطل أحدهما وأن يستعملا جميعا ما وجد السبيل إلى استعمالهما، فمما هذا مثاله في مذهبهم: نهى النبي ﷺ عن استقبال القبلة واستدبارها، قالوا: ذلك في الصحاري؛ لأن ابن عمر، قال: رأيت النبي ﷺ على لبنتين مستقبل بيت المقدس واستعملنا كل خبر في موضعه، فاستعملنا خبر ابن عمر في المنازل، وخبر أبي أيوب في