شيء من الأشياء خاصة بغير حجة، لجاز لكل من أراد فيما لا يوافق من السنن مذاهب أصحابه أن يقول: ذلك خاص، وظاهر خبر النبي ﵇ في هذا الباب مستغنى به عن كل قول. واستعمال الخاصة والعامة أبوال الإبل في الأدوية، وبيع الناس ذلك في أسواقهم، وكذلك الأبعار تباع في الأسواق، ومرابض الغنم يصلى فيها، والسنن الثابتة، دليل على طهارة ذلك، ولو كان بيع ذلك محرمًا، لأنكر ذلك أهل العلم، وفي ترك أهل العلم إنكار بيع ذلك في القديم والحديث، واستعمال ذلك معتمدين فيها على السنة الثابتة، بيان لما ذكرناه.
وقد يجب على من منع أن يجعل الأصول بعضها قياسًا على بعض، أن يمنع أن يجعل ما قد ثبت له الطهارة بالسنة الثابتة عن رسول الله ﷺ، قياسًا على بول بني آدم؛ لأن الذي أمر بغسل بول بني آدم هو الذي أباح شرب أبوال الإبل، وفي هذا غلط من غير وجه: أحدها: تحريم ما أباحته السنة بغير حجة، والثاني: دعوى الخصوص في شيء ليس مع مدعيه حجة بذلك، والثالث: تشبه أبوال بني آدم بالبهائم، وصاحب هذِه المقالة يقول: لا يقاس أصل على أصل، ولو جاز القياس في هذا الباب، لكان أقرب إلى القياس أن يجعل بول ما يؤكل لحمه قياسًا على أبوال الإبل، ويجعل بول ما لا يؤكل لحمه قياسًا على بول بني آدم، فيكون ذلك أقرب إلى القياس من غيره.