للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: قد اختلفوا فيه. قيل: ليس الاختلاف مما يوهن الخبر، وليس يخلو ذلك من أحد معنيين، إما أن يكون ابن عباس سمع ذلك من ميمونة وسودة جميعًا؛ لأن كل من روى ما ذكرناه عن ابن عباس عن ميمونة أو سودة، ثقة يجب قبول حديثه، فيحتمل أن يكون ابن عباس سمع الحديث منهما، فإن كان ذلك فهو ثابت لا يدفع له أن يكون ذلك ثابتًا عن أحدهما، فأيهما كان فهو مقبول لا معنى لرده، وأيهما كان يخبره يجب قبوله. وقال: فأما خبر ابن وعلة عن ابن عباس فليس مما يجوز أن يقابل به خبر عبيد الله بن عبد الله، ولا عطاء، ولا عكرمة إذا خالفوه؛ لأن هؤلاء حفاظ أصحاب ابن عباس، مع أن رواية ابن وعلة ليست بخلاف لرواية هؤلاء، قد يجوز أن يكون ابن عباس قد سمع النبي يقول: "إذا دبغ الإهاب فقد طهر" مختصرًا، ويكون قد سمع من ميمونة وسودة أو إحداهما قصة الشاة، وليس في رواية ابن وعلة قصة الشاة، ولا في حديث هؤلاء اللفظ الذي في رواية ابن وعلة، فيجوز أن يكونا حديثين محفوظين كل واحد منهما غير صاحبه (١)، فإن قالوا: ليس في رواية معمر عن الزهري ذكر الدباغ، قيل له: قد روى هذا الحديث ابن عيينة، وعقيل، والزبيدي، وهؤلاء من ثقات أصحاب الزهري؛ وقد ذكروا الدباغ في حديثهم، و [الحافظ] (٢) إذا زاد في الحديث شيئًا فزيادته مقبولة.

فإن قال قائل: كيف يجوز أن يكون الدباغ في حديث الزهري يرخص


(١) حديث ابن وعلة أخرجه مسلم كما تقدم، وصححه الترمذي (١٧٢٨)، وابن حبان (١٢٨٧)، وانظر "البدر المنير" (١/ ٥٨٤).
(٢) تحرفت في "الأصل" إلى: الحفاظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>