في جلود الميتة قبل الدباغ وبعده؟ قيل: قد اختلف فيه عن الزهري، والكراهية ثبتت عندنا عنه، وأقل ذلك أن تكون الروايتان متكافئتين، فلا يجوز أن يثبت عليه واحدة منهما، وإذا لم يثبت عليه واحدة منهما سقط قول الزهري، ويثبت تحريم الانتفاع بجلد الميتة قبل الدباغ باتفاق أهل العلم؛ إذ لا نعلم أحدًا أرخص في ذلك إلا ما اختلف فيه عن الزهري.
قال أبو بكر: وقد ذكرنا عن ابن المبارك، عن حماد بن سلمة أنه قال: إذا جاءك عن رجل حديثان مختلفان لا تدري الناسخ منهما من المنسوخ، ولا الأول من الآخر، فلم يجئك عنه شيء.
قال أبو بكر: ولو لم يرو عن الزهري هذا الحديث لكان في رواية عمرو بن دينار، وابن جريج عن عطاء، عن ابن عباس، عن ميمونة، وحديثه عن عكرمة، عن ابن عباس كفاية ومقنع.
فإن قيل: فإن ثبت هذا فحديث ابن عكيم ناسخ له. قيل: إن ابن عكيم لم يسمع ذلك من النبي ﷺ، وليست له صحبة، إنما روى ذلك عن مشيخة من جهينة، لم يسمهم ولم يدر من هم، ولا يجوز دفع خبر وقد صح عن النبي ﷺ بخبر مشيخة لا يعرفون (١).
(١) حديث ابن عكيم معلول بالإرسال والاضطراب ولو ثبت لعد منسوخًا ولا يثبت. قال ابن الملقن في "البدر" (١/ ٥٨٩): قال البيهقي في كتابه "معرفة السنن والآثار" (٦/ ٦٨): هذا الحديث مرسل وابن عكيم ليس بصحابي وقال الخطابي: مذهب عامة العلماء جواز الدباغ ووهنوا هذا الحديث لأن ابن عكيم لم يلق النبي ﷺ إنما هو حكاية عن كتاب، وعللوا أيضًا بأنه مضطرب وعن مشيخة مجهولين لم تثبت صحبتهم.=