للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإذا ضعف رجلا فانظر هل وافقه غيره على تضعيفه؛ فإن وافقه ولم يوثق ذلك الرجل أحد من الحذاق فهو ضعيف. وإن وثقه أحدٌ فهذا الذي قالوا فيه: لا يقبل فيه الجرح إلا مفسرًا (١).

ولهذا لم يقبل أهل العلم طعن العقيلي لأسباب منها ما تقدم ومنها؛ لأنه كان قرينًا لابن المنذر فخرج القول منه مخرج القرين من قرينه، وقد وقع هذا مع جماعة من الأئمة ولم يُعتبر بقول بعضهم في بعض ككلام مالك في ابن إسحاق، والشافعي في محمد بن الحسن، وأحمد بن صالح والنسائي، والبخاري ومحمد بن يحيى الذهلي، وغيرهم كثير.

قال ابن عبد البر في "جامع بيان العلم" (٢/ ١٩٣):

من صحت عدالته وثبتت في العلم إمامته وبانت ثقته وبالعلم عنايته؛ لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جَرْحته ببيِّنة عادلة يصح بها جرحته على طريق الشهادت والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب تصديقه فيما قاله لبراءته من الغل والحسد والعداوة والمنافسة، وسلامته من ذلك كله فذلك كله يوجب قبول قوله من جهة الفقه والنظر، وأما من لم تثبت إمامته ولا عرفت عدالته ولا صحت لعدم الحفظ والإتقان روايته؛ فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه، والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين قول أحد من الطاعنين:

أن السلف قد سبق من بعضهم في بعض كلام كثير منه في حال الغضب، ومنه ما حمل عليه الحسد، كما قال ابن عباس ومالك بن


(١) وانظر أيضًا "الرفع والتكميل" (٢٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>