للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر: قد ذكرنا ما حضرنا من اختلاف أهل العلم في الانتفاع بجلود السباع ميتة ومذبوحة، وكان الشافعي (١) يقول: يتوضأ في جلود الميتة كلها إذا دبغت، وجلود ما لا يؤكل لحمه من السباع قياسًا عليها، إلا جلد الكلب والخنزير، فإنه لا يطهر بالدباغ؛ لأن النجاسة فيهما وهما حيان قائمة، وإنما يطهر بالدباغ ما لم يكن نجسًا حيًّا.

قال أبو بكر: ووافق أصحاب الرأي (٢) الشافعي في جلد الخنزير فقالوا: لا بأس بالانتفاع بجلود السباع كلها بعد الدباغ ما خلا جلد الخنزير؛ فإنه لا يجوز الانتفاع به، واحتجوا - أو من احتج منهم - بخبر ابن وعلة عن ابن عباس أن النبي قال: "أيما إهاب دبغ فقد طهر" (٣)، وجعل بعض من يقول بهذا القول ذلك قياسًا على جلد الشاة الميتة التي رخص النبي في الانتفاع به بعد أن يدبغ.

ومنعت طائفة من الانتفاع بجلود السباع قبل الدباغ وبعده مذبوحة وميتة، هذا قول الأوزاعي، وابن المبارك، وإسحاق (٤)، وأبي ثور، ولزيد بن هارون.

وقد بلغنا عن مالك بن أنس (٥) أنه كان لا يرى الانتفاع بجلود السباع الميتة، وكره الصلاة فيها، وإن دبغت. وحكى معاوية بن عمرو عن الأوزاعي أنه قيل له في جلود السباع، قال: لا يباع ولا يأخذها أحد


(١) "الأم" (١/ ٥٧ - باب الآنية التي يتوضأ فيها).
(٢) "المبسوط" (١/ ٣٦٥ - باب الحدث في الصلاة).
(٣) سبق تخريجه.
(٤) "مسائل أحمد وإسحاق برواية الكوسج" (٣٠٢١).
(٥) "المدونة الكبرى" (١/ ١٨٣ - ما تعاد منه الصلاة في الوقت).

<<  <  ج: ص:  >  >>