للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لنفسه. وكان ابن المبارك يكره الصلاة في جلود الثعالب، ويكره بيعها وشراءها والانتفاع بها.

قال أبو بكر: وقد احتجت هذِه الطائفة بحجج خمس:

أحدها: أن الله ﷿ حرم الميتة في كتابه فقال: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ﴾ (١)، وكان ذلك عامًا واقعًا على جميع الميتة، ليس لأحد أن يخص من ذلك شيئًا إلا بخبر عن النبي ، فجاء الخبر عن النبي بإباحة الانتفاع بجلود ما يؤكل لحمه من الميتة بعد الدباغ؛ فأبحنا ذلك، ولم نجد في جلود السباع خبرًا يجب أن يستثنى به من جملة ما حرم الله من الميتة؛ فبقيت جلود السباع محرمة بالتحريم العام.

وحجة ثانية: وهو أنه لا يُعلم بين أهل العلم اختلافًا في تحريم الانتفاع بجلود السباع قبل الدباغ وأنها نجسة، واختلفوا في الانتفاع بها بعد الدباغ، فلا يحل ما قد أجمعوا على تحريمه إلا بخبر ثابت عن النبي ، لا معارض له، أو إجماع من أهل العلم، فلما لم يكن في ذلك خبر موجود، ثبت تحريمه على الأصل الذي أجمعوا عليه قبل الدباغ، ولا يزيل إجماعهم إلا إجماع مثله.

وحجة ثالثة: وهي أنهم لا يعلمون اختلافًا بين أهل العلم في كراهية الانتفاع بجلد الخنزير (٢)، والخنزير سبع قال: فجعلنا سائر السباع قياسًا عليه، إذ ليس فيه خبر عن النبي يمنع من القياس عليه، بل موجود عن النبي أنه نهى عن جلود السباع.


(١) المائدة: ٣.
(٢) "مراتب الإجماع" (١/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>