للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

واحتج (بعض) (١) من يخالفهم، فقال: جائز في اللغة أن يقال لمن مس امرأته بيده: قد لمسها، ولكن الملامسة التي ذكرها الله في قوله: ﴿أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ (٢) الجماع الموجب للجنابة دون غيره، استدللنا على ذلك بكتاب الله ﷿ وبالخبر عن رسول الله ، وبالنظر.

فأما الكتاب الذي يدل على معنى ما ذكرناه فقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾ (٣)، يعني وقد أحدثتهم قبل ذلك، ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ﴾ (٤)، فأوجب الله ﷿ غسل الأعضاء التي ذكرها بالماء ثم قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ (٤) يريد الاغتسال بالماء، فأوجب الوضوء من الأحداث، والاغتسال بالماء من الجنابة، ثم قال: ﴿وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ﴾ (٤) يريد الجماع الذي يوجب الجنابة، ﴿فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً﴾ (٤) تتوضؤون به من الغائط أو تغتسلون به من الجنابة، كما أمرتكم به في أول الآية، ﴿فَتَيَمَّمُوا﴾، فإنما أوجب في آخر الآية التيمم على ما كان أوجب عليه الوضوء والاغتسال بالماء في أولها.

فأما قول من قال: إن الله تعالى لما ذكر طهارة الجنب في أول الآية ثم ذكر الملامسة في آخر الآية موصولًا بالغائط، استدللنا بذلك على أنها غير الجنابة، فإنما كان يكون ما قالوا دليلًا، لو كان أوجب على الملامس في آخر الآية الطهارة التي أوجبها على الجنب في أولها، فكان يكون


(١) تكررت في "الأصل".
(٢) النساء: ٤٣، المائدة: ٦.
(٣) المائدة: ٦.
(٤) المائدة: ٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>