للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فدل إجماعهم على ذلك أن الله تعالى أراد في هذِه الآيات الجماع، فإذا كان كذلك حكمنا للمس بحكم المس إذا كانا في المعنى واحدًا.

قال أبو بكر: وقد أجمع كل من حُفظ عنه من أهل العلم على أن لا وضوء على الرجل إذا قبَّل أمه، أو ابنته، أو أخته إكرامًا [لهن] (١) وبرًّا، عند قدوم من سفر، أو مس بعض بدنه بعض بدنها عند مناولة شيء إن ناولها.

إلا ما ذكر من أحد قولي الشافعي: فإن بعض المصريين من أصحابه حكى عنه في المسألة قولين: أحدهما إيجاب الوضوء منه (٢)، والآخر كقول سائر أهل العلم، ولم أجد هذِه المسألة في كتبه المصرية التي قرأناها على الربيع، ولست أدري أيثبت ذلك عن الشافعي أم لا؛ لأن الذي حكاه لم يذكر أنه سمعه منه، ولو ثبت ذلك عنه لكان قوله الذي يوافق فيه المدني والكوفي وسائر أهل العلم أولى به.


(١) في "الأصل": لهم. والمثبت من "د، ط".
(٢) قال النووي في "المجموع" (٢/ ٣١ باب: الأحداث التي تنقص الوضوء): إذا لمس ذات رحم محرمًا ففي انتقاضه قولان مشهوران، ذكر المصنف دليلهما، قال القاضي أبو الطيب والمحاملي في كتابيه وصاحبا "الشامل" و"البحر" وآخرون: نصَّ عليهما الشافعي في حرملة، قال المحاملي في "المجموع": لم يذكر الشافعي هذِه المسألة إلا في حرملة، وقال الشيخ أبو حامد في التعليق: ظاهر قول الشافعي في جميع كتبه أنه لا ينتقض إلا أن أصحابنا قالوا: فيه قولان، ولست أعلم أن ذلك منصوص.
وقال صاحب "الحاوي": في المسألة قولان، أصحهما وبه قال في "الجديد" و"القديم": لا ينتقض، فحصل من هذا أن المشهور عن الشافعي عدم الانتقاض، واتفق أصحابنا في جميع الطرق على أنه الصحيح إلا صاحب الإبانة فصحح الانتقاض، وهو شاذ ليس بشيء، وانظر: "الحاوي" للماوردي (١/ ١٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>