للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أغفل من قال: إن من قلد فقد أحرم؛ لأن في الحديث أنه قلد الهدي، وأشعر، وأحرم، ففي ذلك دليل على أن إحرامه كان بعد التقليد والإشعار، إذ غير جائز أن يقال لمن قد لزمه الإحرام بالتقليد أحرم بعد ذكر التقليد؛ لأن الإحرام لا يدخل على إحرام قبله إلا حيث دلت السنة من إدخال الحج على العمرة

ومن ذلك السنة في تقليد الهدي، وقد فعل النبي ذلك في سنة تسع في العام الذي حج فيه أبو بكر، ذكرت عائشة أنَّها فتلت قلائد هدي رسول الله ثم قلدها رسول الله بيده، ثم لم يحرم على رسول الله شيء كان أحله الله له، حتى نحر الهدي، وفعل ذلك في حجة الوداع، وكل ذلك يدل على أن (المرء) (١) لا يكون بالتقليد محرمًا.

ومن ذلك تقديم الأئمة الطلائع، والعيون بين يدي الجيوش، إقتداء برسول الله كلما بعث عام الحديبية بين يديه عينًا له من خزاعة يخبره عن قريش. قال: وسار رسول الله حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبًا من عسفان، أتاه عينه الخزاعي مع ما يجمع فاعل ذلك من الحزم والاحتياط والتحرز من عيون العدو وبغتاته، مع ما فيه من المبالغة في باب الاستعداد والتأهب للقاء العدو، وربما ظفرت الطليعة بالعلج يدل على غفلات العدو وعوراته، ويخبر عن قرب العدو وبعده، وموضع نزوله، وما يدبر من كيد الإمام وأهل الإسلام، فيحترز الإمام من مكائده، ويغتنم غفلاته، فربما ظفر بالحيلة، وربما نجا بالتيقظ.

ومن ذلك ما دل على قبول خبر الواحد، وأن خبره حجة يلزم قبولها،


(١) سقط من "ض".

<<  <  ج: ص:  >  >>