للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ظان أن في رد شهادة الولد لوالده والوالد لولده إجماع فقد أخطأ، لأنا روينا إجازة ذلك عن عمر بن الخطاب، وعمر بن عبد العزيز، وقال الزهري، في شهادة الوالد لولده: قد كان فيما مضى من السنة وسلف المسلمين يتأولون في ذلك قول الله ﴿يا أيها الذين آمنوا كونوا قومين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين﴾ (١) فلم يكن يتهم في سلف المسلمين والد لولده ولا ولد لوالده (٢).

وروينا عن إياس بن معاوية: أنه أجاز شهادة رجل لابنه. وهذا قول أبي ثور والمزني، وقد ذكرت هذه المسألة بتمامها في كتاب الشهادات.

فإن قال قائل: إنما رددنا شهادة الولد لوالده والوالد لولده للتهمة في ذلك. قيل له: قد نهى رسول الله عن الظن وقال: "إنه أكذب الحديث " فتركك ما نهاك عنه رسول الله، ورجوعك إلى الحق أولى بك من مخالفتك السنة، ثم تبني على ما خالفت عليه منها المسائل (٣).


(١) النساء: ١٣٥.
(٢) تفسير الطبري (٥/ ٣٢٢).
(٣) لم ينفرد أهل الرأي برد شهادة الولد لوالده والعكس، فقد نقل ابن حزم في "المحلى" (٩/ ٤١٥ - ٤١٦) خلاف أهل العلم في ذلك فقال: وكل عدل فهو مقبول لكل أحد وعليه كالأب والأم .... وفيما ذكرنا خلاف فروينا من طريق لا يصح عن أنه لا يقبل الأب لابنه ولا الابن لأبيه، ولا أحد الزوجين للآخر، وصح شريح هذا كله عن إبراهيم النخعي وعن الحسن والشعبي في أحد قوليهما في الأب والابن وروي عن الحسن والشعبي قول آخر وهو أن الولد يقبل لأبيه ولا يقبل الأب لابنه؛ لأنه يأخذ ماله متى شاء، وأن الزوج يقبل لامرأته ولا تقبل هي له، وهو قول ابن أبي ليلى وسفيان الثوري، ولم يجز الأوزاعي والثوري وأحمد بن حنبل وأبو عبيد الأب للابن ولا الابن للأب وأجازوا الجد والجدة لأولاد بنيهما، وأولاد بنيهما لهما. ولم يجز أبو حنيفة ومالك والشافعي أحدًا من هؤلاء، إلا أن =

<<  <  ج: ص:  >  >>