فيقال ما تقول فيما يذكر خصمك، فإذا احتمل أن يكون للغائب حجة تخفى عليه لم يقض على غائب حتى يحضر فإما دفع عن نفسه وإما حكم بما يجب.
قال أبو بكر: أما احتجاج هذا القائل بخبر علي فإنما ذلك في الخصمين اللذين يحضران الإمام جميعا ألا تراه يقول: "إذا جلس إليك " وليس هذا من باب القضاء على الغائب بسبيل، وأما قول من قال: قد يدلي الغائب بحجة. فقد يدلي بحجة ولا يدلي، وغير جائز دفع البينة الثابتة بقول قائل لعل، وقل شيء إلا وهو يمكن أن يقال فيه لعل، ولا يجوز ترك ما يجب بلعل، فأما ما احتج به من رأى أن يقضى على الغائب، فمما احتجوا به خبر هند لما جاءت إلى رسول الله ﷺ فقالت: يا رسول الله، إن أبا سفيان رجل شحيح، وليس لي إلا ما أدخل بيتي. فقال:"خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف "(١).
وأبو سفيان في ذلك الوقت ليس بحاضر عند رسول الله ﷺ قضى رسول الله لما علم ما يجب لها عليه حكم عليه بذلك ولم ينتظر حضوره، ولعله لو حضر أدلى بحجة فلم يؤخر الحكم عليه بل أمرها بالذي أمرها به وحكم عليه وهو غائب بالذي يجب.
ومما يحتج به في الحكم على الغائب خبر أبي موسى:
٦٥٢٣ - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ، قال: حدثنا الحسن بن علي، قال: حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا خالد بن نافع، قال: حدثنا سعيد بن أبي بردة، عن أبيه، عن معاوية أنه قال لأبي موسى: أنشدك بالله، هل تعلم أن رسول الله ﷺ كان إذا اختصم إليه الخصمان