للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الخصوم، ويسارع في أمورهم حتى يخرج الناس إلى مكة، ويصنع ذلك بهم إذا قدم الناس من مكة.

قال أبو بكر: يكره للقاضي أن يفتي فيما يسأل عنه من الأحكام. كان شريح يقول: إنما أقضي ولا أفتي. وكان بين ابن شريح وبين رجل خصومة في شيء فسأل أباه أن يبين له الأمر فأبى عليه حتى حكم عليه. قال: قال: إنما كرهت أن أخبرك به أن تذهب فتصالحه فيقتطع من ماله شيئا لا حق لك فيه.

قال أبو بكر: فأما الفتيا في سائر أمور الدين من الطهارة، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، وأبواب المكاسب، والأطعمة، والأشربة، وكل ما ليس من أبواب الأقضية فلا بأس أن يجيب فيما يسأل عنه مما يعلمه بل أخشى أن لا يسعه منع الجواب فيما يعلم منه.

وإذا تبين للقاضي من أحد الخصمين اللدد (١) نهاه فإن عاد زجره فيه. وكان الشافعي لا يبلغ به أن يحبسه ولا يضربه إلا أن يكون في ذلك ما يستوجب ضربا أو حبسا (٢).

وقال مالك (٣): يعاقبه إذا تبين ذلك فيه ونهاه - يعني إذا ألد أحدهما بصاحبه.

قال أبو بكر: ولو أن جماعة من أهل البغي نصبوا إماما على التأويل، وغلبوا على طرف من الأرض، وولى إمامهم الذي نصبوه قاضيا فحكم بأحكام، ثم صار أمر ذلك الموضع إلى إمام أهل


(١) اللدد: الخصومة الشديدة.
(٢) "الأم" (٦/ ٢٧٩ - باب أدب القاضي وما يستحب للقاضي).
(٣) "المدونة الكبرى" (٤/ ١٣ - كتاب القضاء).

<<  <  ج: ص:  >  >>