للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

في حال ما هو معسر فلا شيء عليه حتى يوسر (١)، وخالفهما جماعة من أهل العلم وممن خالفهما المزني قال: لو لم يكن عليه حق لاستحال أن ينظر بحق ليس عليه، أتراه إذا أيسر حدث عليه حق ليس عليه، أرأيت لو قال له: قد أبرأتك من كل حق عليك أيبرئه ذلك أم لا؟ فإن قال: يبرئه فقد تبين أنه أبرأه من حق عليه، فكيف يبرئه من حق ليس عليه، ويلزم من قال ما قالا أن يقول: أبرئه من حق ليس عليه، ولا يمكن في قولهما أن يوضع عن معسر حقا أبدا، وإنما معنى قوله: ﴿فنظرة إلى ميسرة﴾ أي: لا يتعرض له حتى يوسر.

قال أصحاب الرأي (٢): وإذا ادعى رجل على رجل كفالة بنفس أو مال وجحد الآخر ذلك فعلى المدعي الكفالة البينة، وإن لم يكن له بينة فعلى المنكر اليمين، فإن حلف برئ، وإن نكل عن اليمين لزمته الكفالة، وإذا أقر الكفيل بالكفالة وادعى أنه دفعه وبرئ منه، كان الكفيل في هذا الموضع هو المدعي والمكفول له هو المدعى عليه.

قال أبو بكر: وقد اختلف في الكفالة بالنفس (٣)، فمن رآها لازمة


(١) قال الشافعي في "الأم" (٣/ ٢٣١ - ٢٣٢ - باب التفليس): فلم يجعل على ذي دين سبيلا في العسرة حتى تكون الميسرة، ولم يجعل رسول الله مطله ظلمًا إلا بالغنى، فإذا كان معسرًا فهو ليس ممن عليه سبيل إلا أن يوسر، وكذلك لا يحبس؛ لأنه لا سبيل عليه في حاله هذه. وانظر أيضًا (٣/ ٢٤٢ - باب حبس المفلس).
(٢) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٢٠/ ١٢٨ - ١٢٩ - باب الشهادة واليمين في الحوالة).
(٣) انظر: "مغني المحتاج" (٣/ ١٧٧)، و"روضة الطالبين" (٤/ ٢٥٣)، وقال ابن قدامة في "المغني" (٥/ ٩٥ - ٩٦): الكفالة بالنفس صحيحة في قول أكثر أهل العلم، هذا مذهب شريح ومالك والثوري والليث وأبي حنيفة، وقال الشافعي في بعض أقواله: الكفالة بالبدن ضعيفة .... وإنما أراد أنها ضعيفة في القياس.

<<  <  ج: ص:  >  >>