للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قول الزهري، وقال: لا تجوز شهادة أحدهما على الآخر للعداوة التي ذكرها الله بينهما. وقال الشعبي: لا تجوز شهادة أهل ملة على أهل ملة إلا المسلمين، فإن شهادتهم تجوز على الملل كلها، وهذا قول الحكم، وبه قال إسحاق بن راهويه (١).

وحكى الشافعي ذلك عن ابن أبي ليلى (٢). قال أبو عبيد: وهذا هو القول المعمول به، لأن من قاله من العلماء أكثر، فإن من رأى إسقاطها بتأويل قول الله جل ذكره: ﴿اثنان ذوا عدل منكم﴾ (٣)، وبقوله: ﴿ممن ترضون من الشهداء﴾ (٤) فقد كان من سمينا ممن أجاز شهادتهم لا يجهلون هذا، ولكني أحسبهم ممن يرد الآية، فوجدوها إنما تبطل شهادة أهل الملل على أهل الإسلام، ولا تبطلها فيما بينهم، لأن صدر الآية إنما هو على مخاطبة المؤمنين، اسمع قوله: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى﴾، و ﴿يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم﴾ فجعلها جل جلالة خاصة للمؤمنين ألا يؤتمن عليهم غيرهم ثم استثنى فقال: ﴿أو آخران من غيركم﴾ فتأول أكثر من نعرفه من أكابر العلماء الماضين أنها شهادة أهل الذمة على المسلمين في السفر على الوصية خاصة عند الاضطرار إليها، ثم هي باطل هدر عن المسلمين في غير هذا الموطن، فلما وجدوا شهادة أهل الذمة مقبولة في حال واحدة من الحالات على أهل


= ولا تجوز شهادة النصراني على اليهودي، وتجوز شهادة النصراني على النصراني، واليهودي على اليهودي.
(١) "مسائل أحمد وإسحاق رواية الكوسج" (٣١٠٠).
(٢) "الأم" (٧/ ١٩٦ - باب في الدين).
(٣) المائدة: ١٠٦.
(٤) البقرة: ٢٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>