للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال أبو بكر: وقد عارض الشافعي بعض أصحابنا فقال: أما احتجاجه بقوله ﴿ولا يأتل أولوا الفضل منكم﴾ فإن سبب نزولها أن أبا بكر الصديق كان حلف أن لا ينفع مسطحا لما كان منه في أمر عائشة، فنهى الله عن الحلف بمثل (ذلك) (١) اليمين، ورغب في العفو والصفح، وهذه يمين [كانت] (٢) على فعل مستقبل، ولا اختلاف بين أهل العلم في إيجاب الكفارة على الحالف بمثل هذه اليمين إذا حنث، ولا يشبهها اليمين على فعل ماض يتعمد فيها صاحبها الكذب، لأن تلك غلظ النبي على الحالف بها وأوعده النار، ولم يوجب عليه الكفارة، وأمر الحالف على الفعل المستقبل أن يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه، فحكم النبي في هذه اليمين بعد حكمه في تلك اليمين، فغير جائز أن يقاس إحدى هاتين اليمينين على الأخرى وفرق النبي بينهما، واتفق عامة أهل العلم على التفريق بينهما.

وأما قوله جل ذكره ﴿وإنهم ليقولون منكرا من القول وزورا﴾ (٣) فإن أراد أن يقيس إحداهما على الأخرى فذلك غير جائز، لأنه قال: لا يقاس أصل على أصل ولو جاز قياس أحدهما على الآخر لوجب أن يكون أحدهما فرعا ولا سبيل إليه، لأن الفرع لا يصير أصلا، ولو ذهب ذاهب فجعل أحدهما قياسا على الآخر للزم أن يكون على الحالف بهذه اليمين التي شبهت بالظهار كفارة الظهار إن كان الظهار أصلها،


(١) في "م": تلك.
(٢) سقطت من "الأصل"، والمثبت من "م".
(٣) المجادلة: ٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>