للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأي الإمام واجتهاده في قدر جرمه وفساده، وليس ذلك إلى هوى الإمام، ولكن إلى اجتهاده. وقال مالك: إن الفساد في الأرض مثل القتل وذكر قوله ﴿وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد﴾ (١)، وقال ﷿ ﴿أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا﴾ (٢) قال: فقطع الطريق مثل القتل في ذلك. وكان أبو ثور يقول: الإمام فيهم مخير على ظاهر الآية ويلزمهم هذا الاسم بالخروج والتوجه، وقد يقال حج الناس، وغزا الناس، وإن لم يقاتلوا، ولم يبلغوا البيت.

قال أبو بكر: وقد احتج بعض من هذا مذهبه أن المعروف المفهوم من كلام العرب، إذا قال الرجل لآخر افعل كذا أو كذا أو كذا، أن المأمور مخير يفعل ما شاء من تلك الأشياء، لو أن رجلا دفع ثوبا إلى رجل فقال: ادفع هذا الثوب إلى زيد أو عمرو، أيهما دفع إليه كان جائزا، وكذلك لو [قال] (٣): أعتق عبدي هذا أو هذا، فهو كذلك مخير قال: ونظير آية المحاربين قوله ﴿فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك﴾ (٤) فأمر رسول الله كعب بن عجرة حين أمره أن يحلق رأسه، أن يصوم ثلاثة أيام، أو يطعم ستة مساكين، أو ينسك شاة قال: أي ذلك فعلت أجزأ عنك (٥)، وكذلك


(١) البقرة: ٢٠٥.
(٢) المائدة: ٣٢
(٣) من "ح".
(٤) البقرة: ١٩٦.
(٥) النسائي (٢٨٥١) بهذا اللفظ من حديث كعب بن عجرة . وأصله في "الصحيحين".

<<  <  ج: ص:  >  >>