قبل الشافعي أنه قال في الفيء: خمس كخمس الغنيمة، وإنما تلا الشافعي ﴿مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ﴾ الآية. فرأى أن القسمة إنما وقعت لهؤلاء فقط، ولم يعمل على أن الآيات بعد هذِه الآية معطوفة على هذِه، فلما كان التأويل عنده على هذا، ووجد الإجماع على أن أعطية المقاتلة وأرزاق الذرية، وغير ذلك إنما هو من مال الفيء تأول أن الذي قسمه الله في الآية للرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين هو الخمس؛ فجعل خمس الفيء واجبًا لهؤلاء كما أن لهم خمس الغنيمة، وجعل أربعة أخماس الفيء لجماعة المسلمين يقسم فيهم على سنة قسم الفيء كما يقسم أربعة أخماس الغنيمة من حضر الوقعة على سنة قسم الغنائم؛ فاتبع جمل أهل العلم عمر بن الخطاب لما تلا الآيات الثلاث يقول عند تلاوة كل آية منها: والله ما هو لهؤلاء وحده، واستعمل الناس ما رآه ولا نحفظ عن أحد من أصحاب رسول الله ﷺ ولا التابعين، ولا من بعدهم من أهل العلم أنه أوجب من الفيء خمسًا كخمس الغنيمة قبل الشافعي؛ لأن الآيات التاليات لآية الفيء معطوفات على آية الفيء لقوله ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ﴾، ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ﴾، ﴿وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ﴾، فإذا كان من مذهب أصحابنا الامتناع من بيع أمهات الأولاد لقول عمر، وقد خالفه جماعة من أصحاب رسول الله ﷺ ويجب لقوله التفريق بين رجل وامرأته، وقد عقدا بينهما نكاحًا صحيحًا بكتاب وسنة وإجماع لعيب يجده بها من العيوب التي جعل عمر بن الخطاب للرجل الخيار إذا وجد بها عيبًا من العيوب، ثم يجعل قول عمر أصلًا تبنى عليه المسائل فيقال: وكذلك إذا وجدت به عيبًا من تلك العيوب كان لها الخيار كما كان له الخيار، ويجب التفريق بين العنِّين وبين زوجته اتباعًا لعمر،