وبنو الحارث على مياه واحدة وفي مراع واحدة، وهم لنا سلم وهذا عدو لنا ولهم، فتريد أن ننصرف عنهم، فوالله لأن سلموا وغنموا لنندمن ألا نكون معهم، ولئن ظفر بهم لتقولن العرب خذلتم جيرانكم، فأجمعوا أخيرا على أن يقاتلوا معهم وقد جعل حصين لخثعم ثلث المرباع -ربع الغنيمة- ومناهم الزيادة، أما عامر بن الطفيل فقد بعث إلى بي هلال بن عامر، فاشترى منهم أربعين رمحا بأربعين بكرة، فقسمها في أفناء بني عامر. والتقى القوم، فاقتتلوا قتالًا شديدًا ثلاثة أيام بفيف الريح، وشهدت بنو نُمير يومئذ مع عامر، فسموا حريجة الطعان، وقدقال عامر بن الطفيل في تلك الموقعة:
وقد علموا أني أكر عليهم … عشية فيف الريح كر المدور
فلو كان جمع مثلنالما نبالهم … ولكن أتتنا أسرة ذات مسخر
فجاءوا بشهران العريضة كلها … وأكلب طرا في لباس ....
كما قال أيضًا:
أتونا بشهران العريضة كلها … وأكلبها في مثل بكر بن وائل
فبتنا ومن ينزل به مثل ضيفنا … يبت عن قرى أضيافه غيرغافل
أعاذل لو كان البداد لقوتلوا … ولكن أتانا كل جن وخابل
وخثعم حي يعدلون بمذحج … وهل نحن إلامثل إحدى القبائل
وقال الشاعر ابن الدمينة:
ليالي عامر تلحى كلابا … على جهد وليسوا مؤتلينا
وكان ملاعبا حتى التقينا … فجد به وكنا اللاعبينا
وغادرنا فوارسه ورعلا … بفيف الريح غير موسدينا (١)
(١) أبو العباس ثعلب ومحمد بن حبيب، ديوان ابن الدمينة، تحقيق أحمد راتب النفاخ، القاهرة، ١٩٥٩ م، ص ١٥٢.