للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ليس لدينا معلومات عن جُذام مصر وقت الفتح وطوال القرن الأول أكثر من تلك ولكن الصلة القوية القديمة بينها وبين لخم تعطينا الحق في أن نفترض أنَّها سلكت نفس الطريق الذي سلكت لخم، بمعنى أنَّها كانت علوية الهوي، اشتركت في التخلص من عثمان وقاومت الأمويين حتى عاد مروان ففتح مصر سنة ٦٥ هـ. ومن المهم أن نلحظ أن روح بن زنباع، زعيم جُذام بفلسطين والشام وأحد كبار رجال الدولة الأموية، كان في جيش مروان الذي غزا به مصر وقتذاك (١). ويبدو أن روحا هذا خلف عددًا من بنيه بمصر كانوا يؤيدون السياسة الأموية بها.

وكانت الصلة قائمة وقوية بين من بفلسطين ومن بمصر من جُذام فلما ثار ابن نعيم الجُذامي على مروان الحمار بفلسطين سنة ١٢٧ هـ دعا المصريين إلى مشاركتهم وأرسل إليهم رسولا حرضهم على خلع مروان. فلما فشلت حركته أراد الالتجاء إلى مصر (٢). ولما ثار ابن ضبعان الجذامي سنة ١٣٧ هـ بفلسطين كذلك يبدو أن الجذاميين بمصر أيدوه فإن العباسيين تتبعوا ذرية روح بن زنباع بمصر حينذاك وأبادوهم (٣).

ومنذ أواخر القرن الثاني جعلت جُذام تلعب نفس الدور الثوري الفوضوي الذي لعبته لخم في مصر. فظهر منها (١٩٠ - ١٩١ هـ) المنذر بن عابس قاطع الطريق (٤). وقاد أحدهم (عثمان بن مستنير) أهل نتوتمي في ثورتهم على الدولة سنة ١٩٤ هـ (٥). كما اشترك عثمان هذا في مقاومة الدعوة إلى المأمون بمصر سنة ١٩٦ هـ (٦). وحرضوا عبد العزيز الجروي على أن يجرب حظه في السياسة المصرية ووقفوا وراءه في جميع أدواره العنيفة الماكرة التي مثلها على مسرح الحياة في مصر (١٩١ - ٢٠٥ هـ) (٧). كما اشتركوا في الفتن التي ظلت تضطرم في الإسكندرية منذ


(١) الولاة ص ٤٣ النجوم ج ١ ص ٢٠٥.
(٢) الولاة ص ٨٥ - ٨٧.
(٣) المصدر نفسه ص ١٠٣ - ١٠٥.
(٤) المصدر نفسه ص ١٤٣ - ١٤٤.
(٥) المصدر نفسه ص ١٤٧.
(٦) المصدر نفسه ص ١٤٩.
(٧) المصدر نفسه ص ١٥١ - ١٧٢ وسير الآباء: مجلد أول، ص ٥٤٢، ٥٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>