للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها بمساعدة الفاطميين ومن المهم أن نلحظ أن جهينة كانت عند الفتح من أهل الراية، وقد اختطت معهم حول عمرو والمسجد (١). ولم تشترك جهينة بسبب قلتها مع أهل الراية في المسكن فحسب، بل إنها ضمت إليهم في الديوان أيضا وظلت كذلك حتى التدوين الرابع سنة ١٠٢ هـ (٢).

ولم تجمد جهينة في مساكنها الأولى بالفسطاط، بل إنهم أخذوا يتقدمون بالتدريج نحو مصر العليا، حيث نراهم في القرن الثالث من بين القبائل المقيمة على حدود مملكة النوبة والتي حطمت تدريجيا سلطان هذه المملكة المسيحية القديمة. وقد كانت جهينة على أية حال هي التي مهدت السبيل إلى تفكك مملكة النوبة وتحولها إلى الإسلام، وبذلك حطمت أقوى دفاع كان يقوم على أراضي أعالي النيل في وجه غارات العرب والإسلام (٣).

ومثلما سجل اليعقوبي إقامتهم في الجنوب في معادن التبر مع أصدقائهم بلي سجل اتجاههم نحو الغرب وإقامتهم مع بلي وبني مدلج وغيرهم في الرمادة من عمل لوبية (٤).

والواقع أن أهم تحركات جهينة هو ذلك الذي أدى إلى انتشارها في الصعيد. ولابد أن كثيرا من بطونها قد هاجر إلى مصر بعد الفتح وانضم إلى الفئة الأولى القليلة التي شهدت الفتح بحيث أصبحت جهينة من القبائل الكبيرة بمصر. ولا يمكن بغير هذا تفسير اشتراكهم في غزو بلاد النوبة الذي مر ذكره، ولا تفسير احتلالهم منطقة الأشمونيين وإقامتهم كأغلبية هم وبلي مع قريش التي كانت قليلة العدد بهذه المنطقة أول الأمر. فلما كان العصر الفاطمي زحفت قريش على الأشمونين واستأثرت بها دون هاتين القبيلتين على النحو الذي ذكرنا من قبل. فسارت جهينة إلى الصعيد الأعلى حيث نزلت في بلاد أخميم أعلاها وأسفلها (٥).


(١) فتوح مصر ص ٩٨ الانتصار ج ٤ ص ٣.
(٢) الولاة ص ٧١.
(٣) Ency. Isl. I، p. ١٠٦٠.
(٤) كتاب البلدان ص ١٢١ - ١٢٢، ١٢٣، ١٣١.
(٥) نهاية الأرب ص ١٨٦ البيان ص ٣١، ١٣٨. Ency. Isl. I، p.١٠٦٠ & Mac. I، p، ص ٨٩ من هذا البحث.

<<  <  ج: ص:  >  >>