وكان الأخير قد هرب من الملك الظاهر بيبرس (٦٥٩ - ٦٧٦ هـ) فأرسل جيشا وراءه فقاتلوه وأخذوه أسيرا فاعتقله مدة ثم أفرج عنه وهو والد زيد، ومنهم جماعة سعيد بن العريب بن الأحمر وجماعة محمد الهواري وكانت الإمرة على عربان البحيرة في أيام الناصر محمد بن قلاوون (٦٨٣ - ٧٤١ هـ)(١) فيهم وهي لفايد بن مقدم وخالد بن أبي سليمان، وكانا أميرين سيدين ذوي كرم وأمن وشجاعة.
والسياق يفيد أن كثر بني سُلَيْم توجهوا إلى بلاد المغرب، وأن قسما قليلا منهم تخلف في مصر وقسما آخر أقام فيما بين برقة والإسكندوية، وأن برقة التي كانت في نطاق سلطان مصر إذ ذاك منذ القرن السادس إلى القرن العاشر كانت في وقت ما تحت حكم مشايخهم، وأن من الذين بقوا في مصر من كان في منطقة البحيرة وكانت الإمارة على عربانها لرؤساء منهم.
وننبه على أن الكلام المقريزي عن مجيء بني سُلَيْم في جملة من جاء من قبائل قيس في سنة ١٠٩ هـ يتضارب مع الرواية المشهورة التي أوردناها نقلا عن ابن خلدون في الفصل السابق والتي نذكر أنهم جاءوا إلى مصر مع بني هلال في أواخر القرن الرابع الهجري بأمر العزيز الفاطمي ثم وجه معظمهم مع بني هلال أيضا إلى إفريقية في أواسط القرن الخامس لإزعاج المعز بن باديس بتدبير اليازوري وزير المستنصر الفاطمي.
وسياق المقريزي على كل حال يتضمن بيانات مفيدة عن الذين بقوا في مصر من بني سُلَيْم كما هو واضح.
وتوجد زمر عربية أخرى بين الإسكندرية والعقبة الكبرى أكثرها من سُلَيْم لأن المقريزي ذكر بعد بني سُلَيْم بدون عنوان أسماء عدد من الأرومات العربية الضاربة فيما بين الإسكندرية والعقبة الكبرى، وهي جماعات فائد وخفاجة ولبيد وسلَّام ومحارب وقطَّاب والزعاقنة وبشر والجواشنة والبعاجنة والقبايص وأولاد
(١) هذا الملك خُلع مرتين وكان يعود مرة بعد أخرى، ومدة حكمه الأولى ٦٩٣ - ٦٩٤ هـ والثانية ٦٩٨ - ٧٠٨ هـ والثالثة ٧٠٨ - ٧٤١ هـ.