للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا فقد استقر العبابدة في قنا وقوص والأقصر وأرمنت شرقي النيل، وفي إسنا وإدفو وكوم أمبو شرقي وغربي النيل، أما في أسوان وبلاد النوبة فكان تمركزهم في شرقي النيل (١).

ويبدو أن اسم العبابدة قد اشتق من سلفهم عبَّاد الذي اختفى اسمه من صفحة التاريخ، إلَّا أن هذا الاسم ظل باقيًا في وادي عبَّاد المواجه لمدينة إدفو (٢).

أما أصول العبابدة ومدى صلتهم بالعروبة فقد كان مثار جدل بين الباحثين ممن تعرضوا لدراسة المجموعات السكانية في أفريقيا ولا سيما تلك التي استقرت في مصر والسودان. ولما كانت هذه المسألة شائكة جدًّا ويصعب القطع فيها برأي نهائي رغم تعدد وسائل المعرفة العلمية وتقدم علْمَي الأجناس والاجتماع، فإنه من الصعب الآن القطع بوجود مجموعات سكانية نقية خالصة؛ نظرا لحركة الهجرات الدائمة بين البلدان العربية والإسلامية واختلاط الأنسال والأنساب، لا سيما وأن معظم المهاجرين كانوا من المسلمين الذين لا يجدون مانعا شرعيا في الزواج من غيرهم من المسلمين أو حتى من أهل الكتاب. وعلى هذا النحو حدث نوع من الامتزاج بين القبائل أبى إلى بروز عنصر جديد ذي سمات وملامح جديدة وإن احتفظ إلى حد ما بالجذور الأولى. ومع ذلك كله ورغم هذا التعقد العرقي فقد ظلت كلّ قبيلة تحتفظ لنفسها بنسب يتوارثه أبناؤها جيلا بعد جيل.

ويؤكد العبابدة أنهم يرجعون في أصولهم إلى سلالة الزبير بن العوام أحد القواد الأربعة الذين أرسلهم عمر بن الخطاب لنجدة عمرو بن العاص الذي كان يحاصر المقوقس خلال فتح مصر (٣). ولا يزالون


(١) نفس المرجع، ص ١.
(٢) محمود محمد الحريري: أسوان في العصور الوسطي، ص ٢٥٠.
(٣) حسن أحمد خليفة العبَّادي - من زوايا التاريخ السوداني في القرن التاسع عشر، ص ٥.
انظر أيضًا، جريدة صوت العرب، العدد الأول بتاريخ ٨ نوفمبر ١٩٤٨، مقال بعنوان: اعرف بلادك دراو العربية، ص ٧. انظر أيضًا: نعوم شقير تاريخ السودان القديم والحديث وجغرافيته ص ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>