للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد نزل الحجاج المدينة، وعد من أهلها؛ لأنه سكنها وبنى بها دارًا ومسجدًا يعرف به، وقد ذكر سبب إسلامه فقالوا: إنه خرج في ركب من قومه إلى مكة، فلما جن عليه الليل، وهو في وادٍ موحش مخوف قعد، فقال له أصحابه: يا أبا الكلاب قم فاتخذ لنفسك ولأصحابك أمانًا. فقام الحجاج بن علاط يطوف حولهم يكلؤهم ويقول:

أعيذ نفسي وأعيذ صحبي … من كلّ جنيٍّ بهذا النَّقْبِ

حتى أؤوب سالمًا وركبي

فسمع قائلًا يقول: {يَامَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لَا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ (٣٣)} [الرحمن: ٣٣] فلما قدموا مكة أخبر بذلك في نادي قريش، ثم أسلم وحسن إسلامه، ورَخَّصَ له رسول الله أن يقول فيه بما شاء عند أهل مكة، عام خيبر، من أجل الحصول على ماله وولده بها، فجاء العباسَ - بفتح السين - بفتح خيبر وأخبره بذلك سِرًّا، وأخبر قريشًا قبله بضد ذلك جهرًا حتى جمع ما كان له من مال بمكة وخرج منها.

وعقب ابن عبد البر على ما ذكر بأن (حديث الحجاج بن علاط بذلك صحيح). وقد شهد مع رسول الله خيبر، وكان مكثرًا من المال، كانت له معادن بني سُلَيْم، وقد دُفِن بقاليقلا من ديار بكر (١).

وتوجد ترجمة للحجاج بن علاط السُّلَمي في كتاب "القصص العرب" (٢).

وللحجاج بن علاط بيتان تمثل بهما عبد الله بن جعفر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حينما بلغه قول عبد الله بن الزبير - رضي الله عنه: إن ابن جعفر لمن المسرفين، وقال ابن الزبير ذلك بمناسبة تفريقه للصلة الكبيرة التي وافته من يزيد بن معاوية في مقامه ذاك والبيتان هما:


(١) الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر، ص ٣٢٦، الجزء الأول، طبع مطبعة نهضة مصر. وديار بكر بن وائل في شرق تركيا.
(٢) قصص العرب، ص ٣٦٠ و ٣٦١، الجزء الثاني، طبع مطبعة السعادة بمصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>