للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابن قيس، ومن هؤلاء: عبد الملك بن حبيب السُّلَمي الفقيه صاحب الإمام مالك - رضي الله عنه" (١).

وقد أفرد القاضي عياض لعبد الملك بن حبيب ترجمة مطولة جامعة، تقع في نحو ١٨ صفحة من كتابه "ترتيب المدارك وقد خَرَجْتُ من هذه الترجمة بما سأورده فيما يلي:

فهو عبد الملك بن حبيب بن سليمان بن هارون بن عباس بن مرداس السُّلَمي ويكنى أبا مروان، وكان أبوه يعرف بالحبيب العصار، لأنه كان يعصر الأدهان ويستخرجها، فوالده إذن من رجال الصناعة، وقال الإمام الفرضي: إنه من مواليهم، وقال ابن الحارث: إنه من أنفسهم، وسلسلة نسبه المتقدم ذكرها آنفًا تدل على أنه من سُلَيْم نسبًا لا ولاءً.

وكانت إقامته بإلبيرة من الأندلس، انتقل إليها أبوه في فتنة الربض، ورحل إلى المشرق سنة ثمان ومائتين، بعد وفاة الإمام مالك بن أنَس بنحو ثلاثين عامًا.

وفي رحلته إلى المشرق سمع من ابن الماجثون، ومطرف، وإبراهيم بن المنذر، وغيرهم. وانصرف إلى الأندلس سنة عشر ومائتين، وقد جمع علمًا عظيمًا. ومن هنا نزل بلدة إلبيرة، ثم سكن قرطبة. وقد انتشر علمه وروايته، فنقله الأمير عبد الرحمن بن الحكم إلى قرطبة، ورتبه في طبقة المفتين بها، فأقام مع يحيى بن يحيى زعيمها، في المشاورة والمناظرة، وبعد وفاة يحيى انفرد عبد الملك بالرئاسة مُدَيْدَةً.

ولعبد الملك السُّلَمي، مكانة من العلم ممتازة. وقد أثنى عليه العلماء الأعلام بها .. فقال ابن الفرضي: "كان عبد الملك حافظًا للفقه على مالك (٢)، نبيهًا فيه، غير أنه لم يكن له علم بالحديث، ولا معرفة بصحيحه من سقيمه".

وسُئل ابن الماجثون: مَنْ أعْلَم الرجلين: القروي التنوخي، أم الأندلسي السُّلَمي؟ فقال: "السُّلَمي مَقْدَمَهُ علينا أعلم من التنوخي مُنْصَرَفَه عنا"، ثم قال


(١) الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية، لشكيب أرسلان، ص ٢٩٣، الجزء الأول، طبع المطبعة الرحمانية بمصر، ١٣٥٥ هـ - ١٩٣٦ م؛ وجمهرة أنساب العرب، لابن حزم، ص ٢٦٣.
(٢) سبق لنا آنفًا أنه لم يدرك مالك بن أنس في رحلته إلى المشرق، إذ بين وفاة مالك ورحلته إلى المشرق نحو ثلاثين عامًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>