صدر الإسلام، وكما زاول كثير من بني سُلَيْم شؤون العلم والحرب والسياسة والإدارة والأدب، وكما خاضوا معمعة خضم الحوادث وصار منهم أفراد مشهورون ذوو تاريخ خالد ومجيد، فلابد أنهم كذلك يوجد بينهم نفر عديدٌ في الأجيال الماضية عملوا في الحقل الاقتصادي ونجحوا فيه نجاحًا يتراوح بين السفح والوسط والقمة.
وقد مَرَّ بنا في فصل:"ديار بني سُلَيْم الأصلية" أن العرب في الجاهلية القريبة من صدر الإسلام كانوا يقدرون مواهب بني سُلَيْم، ويفيدون من ثرائهم وثراء بلادهم، فيتاجرون معهم، ويشاركونهم في استثمار مزارعهم وفي تجاراتهم، كما مر بنا في ذلك الفصل أيضًا أنهم كانوا يملكون المصادر المعدنية، وأن كثيرًا من أُسَرِ مكة تحالفت معهم واشتركت معهم في استغلال ثروات البلاد الزراعية والتجارية، وأن أهم ثروات بني سُلَيْم إذ ذاك هو المذهب والفضة.
ومَرَّ بنا أيضًا في فصل:"صحابة من بني سُلَيْم" في ترجمة (الحجاج بن علاط السُّلَمي) أنه كان يملك معدن الذهب الذي يقع في ديار بني سُلَيْم. ومَرَّت بِنَا أيضًا قصة مِرْدَاس والد العباس الذي أحيى هو وشريكه القُرشي غابة القُريَّة، ومَرَّ بنا كذلك حديث:(أبي الحُصَيْن السُّلَمي) الذي قدم المدينة بذهب من معدن بني سُلَيْم، فقضى دينًا كان على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحَمَّل به، وفضل ذهبٌ مع أبي الحصين مثل بيضة الحمامة فحاول جاهدًا أن يقبله الرسول منه، فأبى ذلك - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأشار له إشارة حكيمة من طريق الكناية لا التصريح بأن يصرف هذه البقية من ذهبه على من يعول.
كلّ هذا وذاك وغيره يجعلنا نؤكد - من مقتضيات - الأحوال - أن هناك أشخاصًا عديدين عبر التاريخ الإسلامي من بني سُلَيْم - مارسوا فن التجارة والأعمال وبرعوا فيهما، ولابد أن لبعضهم ذكرًا في التاريخ المبعثر، وإن كنا لَمْ نعثر إلَّا على قلة ضئيلة منهم لا تكاد تذكر، كما أن فيهم سَراة لهم مكانتهم في مجتمعاتهم.
ونحن نرى اليوم بعض بني سُلَيْم في المملكة العربية السعودية يمارسون التجارة والأعمال الزراعية.