قال الشاعر:
يغدو إذا ما خِلاجُ الشك عنَّ له … على صريمة أمر غير مردود
رَكَّابْ ما يكره الأبطالُ يَقْدُمُه … رأيٌ جميعٌ وقلب غير رعديد
وأورد "ابن الجراح" من شعره قوله:
دعوتُ بني عمي فكان جوابهم … بلبيك فعل السادة النُّجُبِ الغُرِّ
فما لُمْتُهُم في النصر حين دعوتهم … ولما لامني قومي لدى النَهْي والأمر
وقوله:
يطلبُ الثأر من إذا هَمَّ أمضي … هَمَّه كان مُخْطِئًا أو مصيبا
ليس يخشى عواقب الأمر يغشاه … إذا ناله وإن كان حُوبَا
وقوله:
ما الفتك إلَّا لمن إن قال يفعله … ولا يشاور فيما يرتئي أحدًا
لا كالمشاور فيما يرتئيه وقد … يخشى العواقب إن بقى له ولدا
لا تخش عاقبة في الفتك وامضِ لما … هممت إن غيَّة كانت وإن رشدا
من يستشر يختزل أولى عزيمته … في الفتك أو يَطْلُبَ الأعوان والمددا (١)
ويبدو جليا أن الخطة التي يقررها عمرو بن عبد العزيز السُّلَمي في شعره قد نفذها في حياته. وهي خطة المبادرة إلى اقتحام المخاطر بدون تروٍ وبدون مشاورة - هي خطة كثيرًا ما توقع صاحبها في مهاوي التهلكة والزلل والفشل، بخلاف الخطة المضادة التي هي خطة إعمال الفكر، واستعمال المشورة قبل ركوب المخاطر، فإنها كثيرًا ما ترفع صاحبها إلى قمة النجاح وتحقيق الأهداف المثلي، وهذه الخطة الحكيمة هي التي وجه إليها بشار بن برد الأنظار والأسماء في قوله البليغ:
إذا بلغ الرأيُ المشورةَ فاستعن … برأي نصيح أو نصيحة حاتم
ولا تجعل عليك غضاضة … مكان الخوافي قوةٌ للقوادم
(١) كتاب: "من سُمي من الشعراء عمرًا" - لمحمد بن داود بن الجراح: الورقة ٦٤، ٦٥.